الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا خلاف العلماء في حكم ستر المرأة قدميها في الصلاة في الفتوى رقم: 132655، وفيها رجحنا مذهب الجمهور وهو الوجوب، وأما باطن القدمين ففيه خلاف، ففي وجه عند الشافعية وقيل قول، أنه ليس بعورة، ويشهد له مفهوم حديث أم سلمة: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها. أخرجه أبو داود.
قال النووي في المجموع: وأما عورة الحرة فجميع بدنها إلا الوجه والكفين إلى الكوعين ، وحكى الخراسانيون قولا وبعضهم يحكيه وجها : أن باطن قدميها ليس بعورة ،وقال المزني القدمان ليسا بعورة والمذهب الأول. انتهى.
وصرح المالكية بأن المرأة لا تعيد الصلاة لا في الوقت ولا بعده إن انكشف بطن قدمها وإن كان عورة.
قال في منح الجليل: ( وأعادت ) أي الحرة الصلاة ( ل ) كشف ( صدرها و ) كشف ( أطرافها ) من عنقها ورأسها وذراعها وظهر قدمها ومحاذي صدرها من ظهرها كله أو بعضه وصلة أعادت ( بوقت ) للاصفرار في الظهرين وللطلوع في غيرهما. وتعيد لكشف ما عدا ذلك أبدا ولا تعيد لكشف بطن قدمها وإن كان عورة. انتهى.
فظهر بهذا أن الأمر في باطن القدم أخف، وأن مذهب الجمهور أن الصلاة لا تبطل بانكشافه، فإن مذهب الحنفية وكثير من الحنابلة وقول المزني من الشافعية أن القدمين ليستا بعورة، لا ظهورهما ولا بطونهما، ومذهب المالكية ووجه عند الشافعية أن باطن القدمين لا يضر انكشافه في الصلاة، وعليه فالذي ننصحك به أن تجتهدي في ستر باطن قدمك في الصلاة خروجا من الخلاف.
وأما تلك الصلاة فلا تلزمك إعادتها إن شاء الله لما بيناه من أن انكشاف باطن القدم لا يضر عند الجمهور، إلا إن كنت تعتقدين أن انكشاف باطن القدم يؤثر في صحة الصلاة أو تقلدين من يفتي بذلك فتلزمك الإعادة، وأما ما انكشف من قدمك في أثناء الركوع فالظاهر أنه من اليسير الذي يعفى عنه، وقد بينا أن انكشاف يسير العورة من غير قصد لا يؤثر في صحة الصلاة عند كثير من أهل العلم في الفتوى رقم: 132451.
والله أعلم.