الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اعتنى العلماء عناية فائقة في معرفة المكي والمدني ، فتتبعوا ذلك آية آية، وسورة سورة، ولهم في ذلك آراء في الفرق بين المكي والمدني، وأرجح هذه الآراء أن ما نزل قبل الهجرة فهو مكي حتى لو كان نزوله بغير مكة، وما نزل بعد الهجرة فهو مدني حتى لو كان نزوله بمكة أو عرفة.
فمثلاًً قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا نزلت يوم الفتح بمكة، وتعتبر هذه الآية مدنية لأنها نزلت بعد الهجرة.
وقوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي. {المائدة:3}. نزلت بعرفة، وتعتبر هذه الآية أيضاًً مدنية لأنها نزلت بعد الهجرة .
واعلم رحمك الله أنه لا يقصد بوصف السورة مكية أو مدنية أنها بأجمعها كذلك، فقد يكون في المكية بعض آيات مدنية، وفي المدنية بعض آيات مكية. ولذلك يكتبون مثلاً: سورة كذا مكية وسورة كذا مدنية إلا آية كذا وكذا.
وأما سؤالك عن سبب الاختلاف في بعض السور هل هي مكية أو مدنية، فهذا يرجع إلى الاختلاف في سبب النزول، هل كان نزولها قبل الهجرة أم بعد الهجرة، فمن ترجح عنده أنها قبل الهجرة قال: إن السورة مكية، ومن ترجح عنده أنها نزلت بعد الهجرة قال: إن السورة مدنية.
وانظر لمزيد من التفصيل الكتب التي تختص بعلوم القرآن ككتاب البرهان للسيوطي فقد أفاض في ذكر المكي والمدني من السور، وما يتعلق بذلك من مباحث.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24862، 58346، 68843.
والله أعلم.