السؤال
المرجو منكم إفتائي في أمر حيرني كثيرا وجزاكم الله عنا كل خير لما تقدمونه لنا من توضيحات تساعدنا على حياة إسلامية أفضل.. ذهبت خالتي عند أحد المدعين أنه يبطل السحر فأخذ إناء كبيرا ووضعت فيه يدها وبدأ يقرأ بعد الكلام وفجأة رفعت يديها فوجدت منشفة ومشطا يخص شعرها وأشياء تخصها كانت لها من سنين عدة فأخبرها أن هذه الأشياء استعملها أناس معينون لسحرها مع العلم أن خالتي كانت في كامل وعيها والإناء كان فارغا فاستغربت فقال لها إن الجن الخادم له هو الذي أحضر له كل هذا سؤالي هو كيف للجن أن يكون خادما لأناس من البشر هل يعملون لهم أشياء لخدمتهم ؟ وثانيا كيف لهذا الرجل المدعي أنه يفك السحر أن يأتي بهذه الأشياء هل هو شعوذة ودجل أم ماذا ؟ علما أن هذا الرجل يدعي الدين والصلاة وأنه لا يعمل السحر والخبائث فقط إنه يساعد الناس على إزالة السحر منهم؟ أفتوني جزاكم الله خيرا فالأمر يحيرني لأني أعلم أن الجن مسخرون فقط للأنبياء فكيف لهم أن يسخروا للبشر العاديين جزاكم الله عني ألف خير على أن لا تحيلوني على أية فتوى وأن تفتوني في فتواي بذاتها لأن أمي تريد الذهاب عند هذا الرجل لإزالة السحر لما سمعت ما أخبرتنا به خالتي وأنا أريد أن أطلعها على جواب فتواكم لي لإقناعها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن استخدام الإنس للجن أمر ممكن وواقع عادة، قال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ {الأنعام:128} وورد في حديث استراق الجن للسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه. رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها.
وأما الحكم الشرعي لاستخدام الجن فقد ذهب بعض العلماء إلى جواز استخدامهم في الأمور المباحة، وذهب آخرون إلى عدم جواز ذلك، والذي يظهر والله أعلم أن القول بالمنع هو الأولى سدا للذريعة في هذا الباب، لأن استخدامهم قد تترتب عليه مفاسد كثيرة، فقد يمارس السحر بهذه الدعوى؛ ولأن أمور الجن من الأمور الغيبية التي يصعب الحكم فيها، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين ولا غيرهم من الصحابة والتابعين وتابعيهم أنهم فعلوا ذلك. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: قال أحمد في رواية البرزاطي في الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم، أو يزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم ومنهم من يخدمه، قال ما أحب لأحد أن يفعله تركه أحب إلي. اهـ
والذي يظهر من حال الرجل المذكور فيما فعل مع خالتك أنه يمارس ضربا من السحر، فالواجب الحذر من الذهاب إليه، وفي الوسائل المشروعة لعلاج السحر ما يغني عن ذلك ومن هذه الوسائل الرقية الشرعية، والعمل بطاعة الله واجتناب معصيته والمحافظة على أذكار الصباح والمساء ونحو ذلك.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 4310، والفتوى رقم: 10981، والفتوى رقم: 5433.
والله أعلم.