السؤال
ما حقيقة سيدنا عيسى عليه السلام . هل هو حي أم ميت . وإن كان حيا فما رأيكم في قول الله سبحانه وتعالى:(وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون) وقوله سبحانه ( كل نفس ذائقة الموت) ومثل هذه الآيات التي توضح أن البشر جميعا يموتون ولا يبقى إلا الله الواحدالقهار. وإن كان هناك بعض الأحاديث التي توضح أنه حي في السماء فما موقفنا نحن. هل نستمع إلى كلام الله سبحانه وتعالى والذي حفظه إلى يوم القيامة. أم إلى الأحاديث التي قد تتعارض بعض الشيء مع الآيات والتي قد يكون حكمها في بعض الأحيان ضعيفا أو حسنا. سواء في موضوع المسيح عليه السلام أم غيره من المواضيع الأخرى .. وهناك موضوع آخر مرتبط بهذا الموضوع وهو أنني عندما أسأل بعض المشايخ عن هذا الأمر فيقول كثير منهم لا تشغل بالك بهذه الأمور. بحكم أنه أمور غيبية. فهل هذا الرد من قبلهم سليم أم لا. أليس من حق كل إنسان أن يسأل عما أشكل عليه. حتى وإن كانت أمورا غيبية طالما أن هناك قرآنا وسنة وأقوالا للصحابة والتابعين وإن كنا لن نشغل بالنا ببعض هذه الأمور - ويعلم الله أنني لا أريد بهذا السؤال إحداث فتنة أو إظهارا لعلم أو غير ذلك كما يفعل بعض الشباب - ولكن الهدف هو معرفة الحق. وإن كان السؤال من هذا القبيل مكروها فنرجو من فضيلتكم تحديد المواضيع التي لا يجوز للمسلم الخوض فيها ؟؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بين القرآن الكريم حقيقة عيسى عليه الصلاة والسلام في أكثر من موضع، ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ {المائدة: 75}. وقوله تعالى: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ {النساء: 171}. إلى غير ذلك، وقد بينا قصة رفعه وأنه سينزل آخر الزمان، في الفتوى رقم: 26317 ورفعه عليه السلام الثابت بنص القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتعارض أبدا مع الآيات التي ذكر السائل، والتي تقضي بأن كل إنسان بل كل كائن ميت، وأنه لا يبقى إلا الله تعالى، وذلك لأن رفعه عليه السلام لا يستلزم خلوده، ولا حياته الأبدية، بل قد ثبت في صحيح السنة أنه بعد نزوله يمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون. قال تعالى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ {النساء: 159}. وبالتالي، فليس هناك تعارض بين الآيات المذكورة وما جاء في معناها وبين ما ثبت من أن عيسى حي وأنه في السماء، على أن كونه في السماء ثابت أيضا بالقرآن وليس فقط بالسنة. قال تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ {النساء: 158}. وقال: وَرَافِعُكَ إِلَيَّ {آل عمران: 55}. ثم إنه لا حرج على المرء في السؤال عما أشكل عليه من أمور دينه أو ما التبس عليه من مسائل عقيدته سؤال استفادة ورفع للالتباس وإزالة الشبهة. قال تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النحل: 43}. ولكن إن كان الأمر من المغيبات التي لا تدرك إلا عن طريق الوحي فلا شك أن الخوض فيها والسؤال عما وراء ما أخبر به الوحي عنها أو عن تفاصيلها لا شك أن ذلك مما لا ينبغي .
والله أعلم.