السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته , لقد ذكرتم في فتوى رقم 51519 تحت عنوان (اختلاف العلماء في فهم النصوص لا يناقض أية إكمال الدين ) بأن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يعرف الخلفاء الاثني عشر ولم يعط من صفاتهم ما يقطع النزاع فيهم...كيف للرسول (صلى الله عليه وسلم ) أن يدع أمته في حيره وتخبط من بعده , أيعقل ذلك ؟ وكيف له ذكر عددهم من دون ذكر أسمائهم ؟ وما الفائدة من ذكر العدد من دون الأسماء ؟... كما اكتشفت في كتاب ( ينابيع المودة ) للقندوزي الحنفي (الباب 94) عن المناقب بسنده إلى جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : \" يا جابر إن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي , ثم الحسن , ثم الحسين ثم علي بن الحسين , ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر فإذا لقيته فأقرأه مني السلام , ثم جعفر بن محمد , ثم موسى بن جعفر , ثم علي بن موسى , ثم محمد بن علي , ثم علي بن محمد , ثم الحسن بن علي , ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي محمد بن الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها , ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان )...هكذا ورد في الكتاب المذكور كما ذكرت أسماؤهم في كتاب ( فرائد السمطين ) للحمويني الشافعي , أليس ذلك تناقضا من عندكم في قولكم بأن الرسول لم يعرف بهم في حال أن القندوزي الحنفي قد ذكرهم في كتابه , وهذا هو نفس العدد و نفس الأسماء التي تعتقد و تؤمن بهم ( الشيعه الإماميه الإثني عشريه ) لماذا لدي الشيعه الاثني عشرية المفهوم الواضح لهذا الحديث في حال نجد بأن أهل السنه لم يصلوا لنتيجه في فهم معناه ؟
الرجاء أنا إنسان أبحث عن الفرقة الناجيه و لا أعتقد بأن الإسلام لم يدع مسألة أو لغزا أو مشكلة إلا وجعل لها الحل و لو كانت بمقدار رأس الدبوس...أنتظر إجاباتكم علي بفارغ الصبر....شكرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الله تعالى قد أخبر في كتابه أنه أكمل الدين وأتم النعمة ورضي لنا الإسلام دينا، وما يقع في بعض النصوص من إيهام أو إجمال فهو لا ينافي كمال الشرع، فقد أبهمت ساعة الإجابة يوم الجمعة، وأبهمت ليلة القدر، وبقي الحكم الشرعي بالتماس كل منهما، وإذا وقع هذا الإبهام في أمر يتعلق بحكم شرعي تكليفي فأولى أن يقع ذلك في أمر وجودي، نعني أنه من باب الإخبار ولا يتعلق به تكليف أصلا، فلم يقل أحد كيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم أمته دون أن يحدد ساعة الإجابة يوم الجمعة، أو ليلة القدر تحديدا، لا يؤدي إلى حدوث شيء من النزاع، لأن نصوص الوحي إذا وردت وجب التسليم لها، وإن قصر العقل عن إدراك الحكمة من ورائها، أو كنه مجيئها على وجه ما.
وقد اجتهد العلماء في تحديد الأئمة الاثني عشر الذين ورد ذكرهم في الحديث بناء على ما ورد من صفاتهم من كونهم خلفاء أو أمراء، وكونهم من قريش، وهذان الوصفان لا يجتمعان فيمن ذكر في الحديث المذكور في السؤال إلا في علي وابنه الحسن رضي الله عنهما، وتراجع الفتوى رقم: 6305.
ثم إن ههنا أمرا مهما جديرا بالذكر، وهو أن رواية الصحيحين وغيرهما لم تذكر بأن عدد الأئمة يقتصر على اثني عشر إماما إلى قيام الساعة كما يعتقد ذلك من يعتقده، بل بينت أن الدين سيكون ظاهرا بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اثني عشر إماما كلهم من قريش، وقد وقع ذلك بالفعل.
وأما تحديد أسماء هؤلاء الأئمة فلم يرد في شيء من كتب السنة المعتمدة فيما نعلم، فكيف تخص هذه الرواية على أولئك الأئمة، ويرويها القندوزي المتوفى سنة 1294هـ أو أبو إسحاق الحمويني المتوفى سنة 722هـ وكل منهما يرويها في كتاب له يُشَك في نسبته إليه لا سيما وأنهما سنيان، وما تضمنه الكتاب لا يمت لأهل السنة بصلة، ولذلك قد شكك في نسبة هذين الكتابين إليهما بعض أهل العلم، ويؤيده أننا لم نجد ذكرا لهذين الكتابين أو النقل عنهما في شيء من آلاف كتب أهل السنة التي بين أيدينا.
وننبه إلى أن المسلم إذا لم يكن على قدم راسخة في العلم الشرعي فلا ينبغي له الاطلاع على كتب الضلالة أو مجادلة أهلها لأن ذلك قد يوقع في قلبه شبهة يصعب عليه التخلص منها.
والله أعلم.