الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في مطعم يخلط صاحبه الشحوم المحلية باللحم المستورد ويبيعه على أنه لحم محلي

السؤال

أعمل في مطعم منذ أربعة أشهر بأجر يوميّ، مهمّتي الأساسية هي إعداد اللحم على سيخ الكباب، ولاحظت أن صاحب المطعم يستخدم لحمًا مستوردًا، ويخلطه بشحوم محلية، ثم يبيعه للزبائن على أنه لحم محليّ، فهل ما يقوم به صاحب المطعم حرام؟ وهل عليَّ إثم بسبب عملي في هذا المطعم؟ وماذا أفعل بالمال الذي كسبته من عملي -إذا كان في الأمر حرمة-؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته من قيام صاحب المطعم بخلط الشحوم المحلية مع اللحم المستورد، وبيعه على أنه لحم محليّ؛ نوع من الغش المحرم، ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء -يا رسول الله-، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني. رواه مسلم.

قال ابن تيمية في السياسة الشرعية: الغش: اسم جامع لكل من أظهر من المبيع خلاف باطنه. اهـ.

وقال ابن علان في دليل الفالحين: المراد بالغش هنا: كتم عيب المبيع، أو الثمن، والمراد بعيبه هنا: كل وصف يعلم من حال آخذه أنه لو اطّلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن الذي يريد بذله فيه. اهـ.

وعملك في إعداد ذلك اللحم المغشوش على الأسياخ، مع علمك أن صاحب المطعم سيغشّ به الناس؛ لا يجوز، فأنت -والحال هذا- معين له في الغشّ؛ فعليك الامتناع عن ذلك فورًا، وترك العمل بالمطعم -إن لزم منه القيام بذلك الغشّ-، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وإذا تبت الى الله تعالى، وتركت هذا العمل؛ فنرجو أن يكون ما أخذته من راتب مباح لك الانتفاع به؛ لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة:275}.

وعليك نصح صاحب المطعم بأن يتّقي الله، ولا يغشّ الناس، وليكفَّ عن ذلك، وليعلم أن في ذمّته لهؤلاء الذين غشّهم حقًّا ماليًّا بقدر ما غشّهم به في الأسعار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني