السؤال
أعمل في مجال استيراد المحاصيل الزراعية، وتباع بطريقة تحصيل ثمنها نقدًا قبل استلام البضائع، ويوجد شرط في حالة عدم دفع العميل المبالغ المستحقّة في الموعد المحدد للدفع، فيتم احتساب فائدة على إجمالي المبالغ، وهذا هو المعمول به في كل الشركات العاملة في هذا المجال، وموثّق في عقد رسميّ بين الشركة والعميل، وأحيانًا تخصم هذه المبالغ كلها أو جزء منها، لكن الشرط ضروري؛ لعدم تجاوز العميل المدة المحددة للدفع، والالتزام بها، فما الحكم الشرعي للعمل في مثل هذه الشركات؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاشتراط غرامة مالية على المشتري عند تأخّره في دفع الثمن، شرط ربويّ محرم، لا يجوز اشتراطه، جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي المتعلّق بشأن فرض الغرامة المالية على تأخر السداد: إن الدائن إذا شرط على المدين، أو فرض عليه، أن يدفع له مبلغًا من المال، غرامة مالية جزائية محددة، أو بنسبة معينة إذا تأخّر عن السداد في الموعد المحدّد بينهما؛ فهو شرط أو فرض باطل، ولا يجب الوفاء به، بل ولا يحلّ، سواء كان الشارط هو المصرف، أو غيره؛ لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية، الذي نزل القرآن بتحريمه. اهـ.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المتعلق بالبيع بالتقسيط: إذا تأخّر المشتري المدين في دفع الأقساط بعد الموعد المحدد؛ فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدَّين بشرط سابق، أو بدون شرط؛ لأن ذلك ربا محرم. اهـ.
وكذلك لا يجوز في عقد البيع اشتراط شرط جزائي عند التأخّر في السداد؛ لكونه شرطًا ربويًّا، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المتعلق بالشرط الجزائي: يجوز أن يكون الشرط الجزائي في جميع العقود المالية، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دَينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح. اهـ.
وأما الحاجة لمثل هذا الشرط لعدم تجاوز العميل للمدة المحددة للدفع؛ فيمكن الاستغناء عنها بالوسائل المشروعة، كعقود التوثيقات -من الكفالة، والضمان، أو الرهن-، أو اشتراط فسخ العقد عند التأخير، أو غير ذلك.
وعلى ذلك؛ فالعمل في شيء يتعلّق تعلَقًا مباشرًا بفرض هذه الغرامة المحرّمة، لا يجوز؛ لما فيه من إعانة على الإثم، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.
وأما إذا كان العمل في الشركة ليس فيه مباشرة لشيء يتعلّق بفرض هذه الغرامة؛ فلا حرج فيه؛ عملًا بالأصل.
والله أعلم.