الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق بسبب تناول الزوجة دواء منع الحمل دون علم زوجها

السؤال

هل يجوز للرجل أن يطلِّق زوجته، وقد أخذت منع الحمل لمدة سنة دون علم زوجها، ولا يمكن لها أن تحمل إلا بعد انقضاء السنة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق مباح في الأصل، وخاصة إن دعا إليه سبب، ويُكره إن كان لغير سبب، كما بيّن ذلك أهل العلم، ويمكنك أن تراجع فيه الفتوى: 43627.

واستخدام المرأة ما يمنع الحمل دون إذن زوجها، لا حقّ لها فيه؛ لأن الإنجاب حقّ لهما معًا.

ولكن لا ينبغي للزوج أن يطلّق زوجته لهذا السبب؛ فالطلاق شأنه عظيم، وقد تكون له عواقب وخيمة.

ومن أجل ذلك ذهب بعض العلماء إلى أن الأصل فيه التحريم، قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور، إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص.

فإذا كان بلا سبب أصلًا، لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقًا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها.

ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجِبة عدم إقامة حدود الله تعالى ... فحيث تجرّد عن الحاجة المبيحة له شرعًا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [النساء:34]، أي: لا تطلبوا الفراق. انتهى.

ومنع الحمل ما دام مؤقتًا، فستنتهي هذه المدة، هذا بالإضافة إلى أن المرأة قد تستخدم مانع الحمل، ومع ذلك يحصل الحمل وتنجب؛ فالأمر لله عز وجل، روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف ترى في العزل؟ فقال: «أوإنكم تفعلون ذلك؟ لا عليكم أن لا تفعلوا ذلكم؛ فإنها ليست نسمة كتب الله أن تخرج إلا هي خارجة».

وننصح بأن يكون بين الزوجين الاحترام، والتفاهم في أمور الحياة الزوجية؛ لأن ذلك يكون سببًا في ديمومتها، والحيلولة دون دخول الشيطان؛ ليُفسِد العلاقة بينهما؛ فيكون الفراق، وهذا ما يحبّه الشيطان، ويهدف إليه، روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت. وقد ورد هذا الحديث تحت باب: تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني