السؤال
ظهر عندنا رجل يأخذ سِلَعًا (بيعا بالأجل) من الناس لفترة معينة، مع رفع سعرالسلعة ثلث قيمتها الحالية، وأحيانا الضعف.
علما أن هذا الرجل كان قبل فترة قصيرة رجلا فقيرا، فانتشرت هذه الظاهرة عندنا كثيرا، فأصبح من لديه خمسة آلاف دولار يشتري بها سلعة، ويبيعها بالأجل بضعف قيمتها، وأحيانا تباع السلعة نفسها عدة مرات، ولأشخاص مختلفين، والغاية منها بيعها بالأجل لأجل الربح الكثير، وهو ضعف القيمة. فهل انتشار البيع بالأجل صحيح، وإن كانت الغاية منه مضاعفة الأموال دون إعطائها هي نفسها؛ ابتعادا عن الربا؟ أم يعتبر تحايلا؟ وهل التعامل مع هذا الشخص جائز، وإن كانت أمواله مجهولة المصدر؟ الأمر انتشر، وأصبح هناك أكثر من شخص يأخذ من الناس بالأجل.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك؛ أنّ بعض الناس يبيع السلع بالأجل، ويربح فيها ثلث قيمتها، أو ضعف قيمتها، وبعض الناس ممن يبيعون بالأجل لا يُعرف مصدر أمواله، وأنت تسأل عن حكم البيع بالأجل، وهل هو حيلة للإقراض بالربا؟ وحكم التعامل مع من لا يُعرف مصدر أمواله؟
فإن كان ما فهمناه صحيحا؛ فالجواب: أنّ البيع بالأجل مع زيادة الثمن عن ثمن البيع العاجل بمقدار الثلث، أو الضعف، أو غير ذلك؛ جائز، وليس حيلة على الربا، بشرط أن يملك البائع السلعة ملكا حقيقيا، ويقبضها إن كان اشتراها، ثمّ يبيعها بيعا حقيقيا، بثمن معلوم إلى أجل معلوم.
ومن اشترى سلعة بالأجل؛ فلا حرج عليه في بيعها لغير البائع، وراجع الفتويين: 78601، 46968.
والأصل جواز معاملة التاجر الذي لا يعرف مصدر أمواله.، جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: الأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له، إن ادعى أنه ملكه ... وما تصرف فيه المسلم أو الذمي بطريق الملك أو الولاية، جاز تصرفه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا، كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم. انتهى.
لكن ينبغي الحذر في مثل هذه المعاملات؛ لكثرة النصب والاحتيال فيها.
والله أعلم.