السؤال
ما حكم الشرع في العمل عندما يتعارض مع أوقات الصلاة، ولا يستطيع العامل أن يصلي مع الجماعة، وصاحب العمل لا يسمح له بأن يصلي منفردا؟
وإذا سمح له في فترة الاستراحة فقد تضيع صلاتان، وبالتالي ما العمل فيما إذا أجبر الفرد على هذا العمل، خاصة إذا كانت فرص العمل قليلة جدا جدا، وأغلبها من هذا النوع إن وجدت، فمن الصعوبة بمكان إيجاد عمل صاحبه يصلي ويسمح بالصلاة والوضوء، خاصة أن مكان العمل فيه نساء متبرجات سافرات. فهذا من الممكن أن يؤثر على صلاة الفجر بسبب الاحتلام أيضا، وخاصة في الشتاء، مع صعوبة الاغتسال وبرودة الجو البارد جداً، وشح المياه وقلتها، مما يعني أن هذا العمل يضر كثيرا ولا يعطي فرصة للصلاة، لأنني إذا أقدمت على هذا العمل فذلك يجعلني من المؤخرين للصلاة عن وقتها، ومن الذين هم عن صلاتهم ساهون. فما حكم ذلك شرعا؟
ستقولون لي: ابحث عن عمل مناسب، ويتناسب مع أوقات الصلاة، لكن من الصعوبة جدا جدا جدا إيجاد عمل، خاصة أن عندي إعاقة سمعية ويدي لها وضع صحي خاص، فليست كل الأعمال تناسبني.
أريد الإفادة والتوضيح المفصل، وشكرا لكم جميعا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجوابنا على سؤالك يتلخص فيما يلي:
أولا: لا حرج عليك في أداء الصلاة في مكان العمل، وترك أدائها مع الجماعة في المسجد لا سيما مع منع صاحب العمل للموظف من الذهاب إلى المسجد.
وصلاة الجماعة سنة لا واجبة في قول جمهور أهل العلم، ومن أوجبها منهم فقد ذكر جملة من الأعذار المبيحة للتخلف عنها، ومنها: الخوف من ضرر في المعيشة.
قال في شرح المنتهى في جملة تلك الأعذار: أَوْ يَخَافُ ضَرَرًا فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا بِأَنْ عَاقَهُ حُضُورُ جُمُعَةٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ عَنْ فِعْلِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ لِأُجْرَتِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ. اهـ.
ثانيا: يجب أداء كل صلاة في وقتها المحدد لها شرعا، ولا يجوز إخراج الصلاة عن وقتها لعذر العمل، وإن منعك صاحب العمل بكل حال، فلك أن تجمع بين الصلاتين المشتركتين: الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في بعض الأحيان.
وهذا للضرورة أو الحاجة، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجوز للمقيم أن يجمع بين الصلاتين في غير مرض ومطر للحاجة، من غير أن يتخذ ذلك عادة، كما بيناه في الفتوى: 440239.
ثالثا: إذا حضرت الصلاة وكنت جنبا، ولم تجد ماء للغسل، أو مكانا تغتسل فيه، أو كان الجو باردا وليس عندك ما تسخن به الماء، فلك أن تتيمم وتصلي. وانظر الفتوى: 391057، والفتوى: 136310 عمن أجنب وهو في العمل.
رابعا: إذا منعك صاحب العمل من الصلاة بتاتا، ولم تكن الصلاة وقت العمل مما تُجمع مع ما قبلها أو بعدها -كصلاة الفجر- فالواجب عليك أداء الصلاة ويحرم عليك طاعته؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى.
فإن طردك من العمل، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2، 3}، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ {النحل:128}.
وانظر الفتوى: 279082 فيما يلزم من تفوته صلاة الظهر والعصر، ويمنع من الصلاة في العمل، وأيضا الفتوى: 198311.
والله أعلم.