الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجوابنا على سؤالك يتلخص فيما يلي:
أولا: لا حرج عليك في أداء الصلاة في مكان العمل، وترك أدائها مع الجماعة في المسجد لا سيما مع منع صاحب العمل للموظف من الذهاب إلى المسجد.
وصلاة الجماعة سنة لا واجبة في قول جمهور أهل العلم، ومن أوجبها منهم فقد ذكر جملة من الأعذار المبيحة للتخلف عنها، ومنها: الخوف من ضرر في المعيشة.
قال في شرح المنتهى في جملة تلك الأعذار: أَوْ يَخَافُ ضَرَرًا فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا بِأَنْ عَاقَهُ حُضُورُ جُمُعَةٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ عَنْ فِعْلِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ لِأُجْرَتِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ. اهـ.
ثانيا: يجب أداء كل صلاة في وقتها المحدد لها شرعا، ولا يجوز إخراج الصلاة عن وقتها لعذر العمل، وإن منعك صاحب العمل بكل حال، فلك أن تجمع بين الصلاتين المشتركتين: الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في بعض الأحيان.
وهذا للضرورة أو الحاجة، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجوز للمقيم أن يجمع بين الصلاتين في غير مرض ومطر للحاجة، من غير أن يتخذ ذلك عادة، كما بيناه في الفتوى: 440239.
ثالثا: إذا حضرت الصلاة وكنت جنبا، ولم تجد ماء للغسل، أو مكانا تغتسل فيه، أو كان الجو باردا وليس عندك ما تسخن به الماء، فلك أن تتيمم وتصلي. وانظر الفتوى: 391057، والفتوى: 136310 عمن أجنب وهو في العمل.
رابعا: إذا منعك صاحب العمل من الصلاة بتاتا، ولم تكن الصلاة وقت العمل مما تُجمع مع ما قبلها أو بعدها -كصلاة الفجر- فالواجب عليك أداء الصلاة ويحرم عليك طاعته؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى.
فإن طردك من العمل، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2، 3}، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ {النحل:128}.
وانظر الفتوى: 279082 فيما يلزم من تفوته صلاة الظهر والعصر، ويمنع من الصلاة في العمل، وأيضا الفتوى: 198311.
والله أعلم.