السؤال
أريد أن أعرف صحة الحديث الذي فيه: "أو يضحك ربنا، إننا لن نعدم خيرا من رب يضحك".
وهل طلب العلم غير الشرعي كما في الدراسة من كيمياء، وفيزياء، وغيرها؛ أفضل من النوافل؟ أعني: الإكثار من النوافل.
أخيرا: أريد طلب العلم الشرعي، ولا أعرف من أين، خصوصا في وجود هذا البلاء، فأنا مصري، ولست بالأزهري، و-إن شاء الله- السنة الدراسية القادمة ستكون أول سنة بالجامعة.
ونسأل الله أن يهبنا وإياكم الإخلاص.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما الحديث المذكور فقد رواه أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه وأبو داود الطيالسي في مسنده وغيرهم، وصححه بعض أهل العلم، وهو في السلسلة الصحيحة للألباني فانظره، وانظر أيضا الفتوى: 125166.
وأما السؤال الثاني: فقبل جوابه لا بد من التنبيه على أن الترجيح إنما يكون عند التعارض، وأما عند إمكان الجمع، فيعمل بالأمرين معا.
ولا تعارض بين أداء النوافل، وطلب العلوم الدنيوية النافعة، بل الإكثار من النوافل لا يتعارض في الغالب مع طلب هذه العلوم.
ويبقى السؤال المتوجه عند العجز عن الإكثار من النوافل بسبب العناية بهذه العلوم لإتقانها؟ وفي هذه الحال نقول: الأصل أن نوافل العبادات أفضل وأنفع من الاشتغال بأمور الدنيا علما وعملا، وطلب العلوم الدنيوية مباح في الأصل، والمباحات يتغير حكمها بحسب الأحوال والمقاصد، كما قال الزركشي في البحر المحيط في أصول الفقه: حكم المباح يتغير بمراعاة غيره، فيصير واجبا إذا كان في تركه الهلاك، ويصير محرما إذا كان في فعله فوات فريضة، أو حصول مفسدة؛ كالبيع وقت النداء، ويصير مكروها إذا اقترنت به نية مكروه، ويصير مندوبا إذا قصد به العون على الطاعة. اهـ.
وعلى ذلك؛ فإذا كان طالب هذه العلوم له فيها مقصد حسن، وهو مع ذلك قادر على إتقانها والإفادة منها، فدراسته لها لا يقتصر حكمها على الإباحة، بل ترتقي للاستحباب، وفي بعض الأحوال قد يكون واجبا عليه، وذلك في حال احتياج المجتمع لهذه العلوم مع أهلية الطالب لها. وعندئذ لو تفرغ لها صاحبها، وأدى ذلك إلى قلة نوافله، فهو على خير عظيم، وعلى ثغرة من ثغور المسلمين.
قال الشيخ الشنقيطي في «أضواء البيان»: اعلم أن المسلمين يجب عليهم تعلم هذه العلوم الدنيوية، كما أوضحنا ذلك غاية الإيضاح في سورة «مريم» في الكلام على قوله تعالى: {أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا}، وهذه العلوم الدنيوية التي بينا حقارتها بالنسبة إلى ما غفل عنه أصحابها الكفار، إذا تعلمها المسلمون، وكان كل من تعليمها واستعمالها مطابقا لما أمر الله به على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- كانت من أشرف العلوم وأنفعها؛ لأنها يستعان بها على إعلاء كلمة الله، ومرضاته -جل وعلا-، وإصلاح الدنيا والآخرة، فلا عيب فيها إذن، كما قال تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}، فالعمل في إعداد المستطاع من القوة امتثالا لأمر الله تعالى، وسعيا في مرضاته، وإعلاء كلمته ليس من جنس علم الكفار الغافلين عن الآخرة كما ترى، والآيات بمثل ذلك كثيرة. اهـ.
وانظر للفائدة الفتوى: 386023.
وانظر الفتوى: 304021. في كيفية طلب العلم للمبتدئين، والفتوى: 412687. حول نصيحة لطالب العلم المبتدئ، والفتاوى المحال عليها فيها عن كيفية طلب العلم ومنهجيته.
والله أعلم.