السؤال
اتصل علي مكتب عقار لشراء أرض، حيث إن رقم هاتفي لديه، ويعلم أني أبحث عن أرض، فقال لي: توجد أرض جيدة. فقمت بالذهاب إليه، ورغبني فيها؛ فقمت باستشارة أقاربي، فوافقت على شرائها بالمبلغ المعروض لبيعها.
علما أن المكاتب العقارية لا تعطي رقم البائع للمشتري إلا بعد إتمام الصفقة، تجنبا للإحراج، وطلبا لخفض السعر.
فتوكلت على الله وأخذتها؛ فقام مكتب العقار بطلب هوية البائع حتى أعمل له شيكا مصدقا، فأرسل عنوان هويته، وذهبت إلى البنك وعملت شيكا مصدقا باسمه، وقمت بدفع العربون، وذهبت للنزول إلى الأرض أكثر من مرة. وبعد خمسة أيام اتصل البائع، وقال: عدلت عن البيع. لقد قمت بالاستدانة للوفاء بالمبلغ، وتعبت كثيرا.
ما الذي علي أو لي؟ حيث إني أرغب في إتمام البيع، مع العلم أن قيمتها بسعر السوق، فبالتالي لا يوجد ظلم لا عليه ولا علي، مع الأخذ بالاعتبار أني لم أكلمه ولم أره، فكان الوسيط المكتب، ولم يكلمني إلا مرة واحدة حينما ألغى البيع.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البيع قد تم دون شرط خيار، فليس للبائع إلغاء البيع أو فسخه، وإنما يكون له حق طلب الإقالة إذا رضيت أنت بذلك فحسب. ويستحب إجابته إلى ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أقال مسلماً، أقاله الله عثرته. رواه أبو داود.
قال في إنجاح الحاجة: صورة إقالة البيع إذا اشترى أحد شيئاً من رجل ثم ندم على اشترائه، إما لظهور الغبن فيه، أو لزوال حاجته إليه، أو لانعدام الثمن، فردَّ المبيع على البائع وقبل البائع رده، أزال الله مشقته وعثرته يوم القيامة؛ لأنه إحسان منه على المشتري؛ لأن البيع قد بت، فلا يستطيع المشتري فسخه. انتهى.
وإذا لم ترض باقالته وقد تم البيع، فالأرض أرضك، وللبائع الثمن المتفق عليه. ويرجع في حقيقة ما تم إلى المكتب الوسيط باعتبار أنك وكلته في الشراء، هل أعلم البائع وعقد معه صفقة البيع حسبما يفهم مما ذكرته في السؤال، أم أن المكتب لم يبرم عقد البيع مع البائع، وما تم بينهما مجرد مواعدة فقط، وحينئذ يكون للبائع التراجع عن البيع. وتبقى مسألة الوعد إذا دخل الموعود بسببه في التزام، وترتب عليه ضرر، ولم يف الواعد بوعده هل يتحمل ذلك الضرر أو لا؟
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: يكون الوعد ملزماً للواعد ديانة إلا لعذر، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إمّـا: بتنفيذ الوعد، وإما بتعويض الضرر الواقع فعلا، بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر. اهـ.
وانظر الفتوى: 117916
والله أعلم.