السؤال
عمري 16 عامًا، ولدت في أسرة متدينة، تربيت فيها على الإيمان، وحب الله تعالى، والخوف منه، وفي أحد أحياء مدينة دمشق في سن الابتدائية كنت أعشق الذهاب للمدرسة لسبب واحد فقط، وهو شعوري بالحب تجاه إحدى زميلاتي في الصف، ورغم صغر سني فقد كنت أعلم أنه لا يجوز لي مخاطبتها، أو البوح لها بأي شيء شعرت به، وعلى مدى أربع سنوات كانت أكثر ما أحبه في حياتي، ولا أعلم إذا كان من الممكن أن يحب الإنسان في هذا العمر، ولكن هذا بالضبط ما كنت أشعر به تجاهها، وبعد أن انتقلت إلى الإعدادية ظلت هذه الفتاة شيئًا مؤثرًا في قلبي رغم بعدي عنها، وعدم محاولتي الكلام معها أبدًا، و بعد عدة سنوات أصبحت شيئًا ثانويًّا، أو أنني لم أعد أفكر بها.
وأنا الآن بالثانوية، ومنذ فترة ذكر أمامي اسم مدرستي القديمة، فتذكرت الفتاة التي أحببتها، ورأيت على الفيسبوك صورة لها، وهي في سن الابتدائية، ومن ثم أغلقت هاتفي، وأحسست بعدها بشعور غريب في داخلي، حتى أنه أقوى من الذي أحسست به في سن الابتدائية بمئات المرات.
قرأت مقالات لأدباء وللشيخ الشعراوي -رحمه الله-، فوجدت أن الحبّ بحد ذاته غير حرام، وقد حاولت نسيانها بشتى الطرق، ولم أستطع أبدًا، فقرأت مقالات عن ماهية الحبّ الحقيقيّ، وحبّ المراهقة، أو الإعجاب، فأنا مؤمن بالتغيرات التي تحصل في هذه الفترة، فتبيّن لي أن حبّ المراهقة، أو الإعجاب لا يمت بأي صلة لما أشعر به، وأعلم أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه و سلم قال: "لم نر للمتحابين مثل النكاح"، فعرفت أن هذه النهاية الوحيدة الممكنة التي قد تجمعني بهذه الفتاة؛ لأنني -مهما حصل من تسهيلات- لن أتكلم معها أبدًا طوال هذه الفترة.
بعد شعوري بهذا الحبّ أحسست بالمسؤولية أكثر، فتخليت -بحمد الله- عن كل المعاصي التي كنت أفعلها بصفتي شابًّا مراهقًا قبل هذا الحبّ، وتقربت إلى الله أكثر فأكثر، وأصبحت لا أفوّت صلاة، بل أقضي ما فاتني في السنين الماضية، وبدأت في حفظ القرآن، والاستماع لدروس التفسير، وفي كل صلاة كنت أدعو ربي أن يزوجنيها، وأن يهديها، ويصلح أمرها، وأن يوفقني ويوفقها في الدراسة، وبدأت أعمل بالأسباب، وبما أنني في دولة أوروبية فأستطيع التقدم إلى الثانوية العامة قبل سنة من موعدها الأصليّ، ففعلت كي أدخل إلى الجامعة باكرًا، وبدأت في العمل في وقت الفراغ بالتصميم؛ كي أستطيع أن أبدأ مشروعي، وأؤسس نفسي قبل أن يسبقني أحد إليها.
أعلم أن ما أفكر به -وهو الزواج- خطوة مبكرة جدًّا، ولكنني لا أريد معصية الله، وأنا مؤمن أنني إذا فعلت الأسباب مع الدعاء، فسيؤتيني ما أريد، فهو الله القادر على كل شيء، وأصبحت أصلي قيام الليل، مع البكاء والخشوع، وأصبح هذا الحبّ يزيد من حبّي لله عز وجلّ، ومنذ يومين قرأت مقالًا بأن الله هو من سيختار الخير لي، فإما أن يدّخر دعائي ليوم القيامة، أو يؤتيني ما أريد في الحياة الدنيا، فصرت أدعو الله أن يجعل الخير في زواجي من هذه الفتاة، ويجعلنا من الصالحين، وأن يكتب لنا السعادة في الدنيا والآخرة، وقرأت مقالًا يقول: إن ما أقوله هو تعدٍّ في الدعاء، ولا يجوز، فأصبت بخيبة أمل كبيرة، و تراجعت عما كنت أدعو به، ولو قليلًا، وأصبحت في حالة كئيبة، فكيف سيدّخر الله لي أجر ما دعوت إلى يوم القيامة، وأنا أريد أن تكون هذه الفتاة زوجتي، ورفيقتي في الجنة؟ وكيف لي أن أؤمن أن الله سيستجيب دعائي في الدنيا؟ فعندما كنت أدعو هذا الدعاء، كنت أشعر براحة عظيمة، وهو أن يجعل الله الخير في زواجي منها، وبدأت بالأخذ بالأسباب، فبدأت بتأسيس مشروع لبيع الأجهزة على الإنترنت باسم قريب لاسمها؛ كي أبرهن لها عند خطبتي لها عن مدى حبي لها، فهل كل ما أفعله صحيح؟ وأتمنى أن يكون الدعاء الذي كنت أدعو به ربي صحيحًا. رجاء أنقذوني.