الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على حرصك على الاستقامة على طاعة الله تعالى، والمحافظة على الصلاة، والتعبد بتلاوة القرآن، ونوصيك بأن تثبت على ذلك، وأن تسأل ربك المزيد، وتجتهد في طلب مراقي الفلاح، ولا تجعل للشيطان سبيلًا ليحول بينك وبين طريق الهداية، ولا تربط بين استقامتك وبين أمر زواجك من هذه الفتاة، فدين المسلم هو أغلى ما عنده، وهو الذي يبقى، والقائد لصاحبه إلى الجنات حيث النعيم المقيم، والسعادة الأبدية، قال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ {هود:108}، وراجع للمزيد في وصف الجنة الفتوى رقم: 231391.
وحصول الحب من الصغير، وتعلق قلبه بزميلته في المدرسة، أو غيرها، أمر ممكن، ولكنه لا يكون مثل الحب الذي يكون من الكبير.
وإذا أوقع الله عز وجل في قلب المسلم حب فتاة، واجتهد في إعفاف نفسه من الوقوع معها في الحرام، فلا لوم عليه في هذا الحب، وسبق تفصيل القول في حكم الحب قبل الزواج، فيمكنك مطالعة الفتوى رقم: 4220.
وكما في الحديث الذي أشرت إليه، فإن الشرع قد رغب المتحابين في الزواج، وقد روى هذا الحديث ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتحابين مثل النكاح. قال المناوي في كتابه التيسير: أراد أن أعظم الأدوية التي يعالج بها العشق، النكاح، فهو علاجه الذي لا يعدل عنه لغيره إذا وجد إليه سبيلًا. اهـ.
فإن كانت هذه الفتاة ذات دين، فأقدم على الزواج منها، فمثلها من رغب الشرع فيها، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك.
والدراسة ليست بمانع شرعًا من الزواج.
ويجوز لك دعاء الله تعالى أن ييسر لك الزواج منها، وأن يكتب لكما السعادة في الدارين، وليس هذا من الاعتداء في الدعاء، ولمعرفة حقيقة الاعتداء في الدعاء، راجع الفتوى رقم: 23425.
ولا تعجز عن الدعاء، ففي الدعاء خير عظيم، فإن لم يستجب الله لك ما طلبت، فقد يبدلك الله -في الدنيا، أو الآخرة- ما هو أفضل لك من الزواج منها، ففي مسند أحمد عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة، ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدّخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. وادّخارها في الآخرة لا يلزم منه أن تكون زوجة لك في الآخرة، فإنها إذا تزوجت من غيرك، كانت يوم القيامة في الجنة زوجًا لزوجها من أهل الدنيا.
وتشرع الاستخارة عند الهمِّ بالأمر، وهو هنا التقدم للزواج منها، ولمعرفة كيفية الاستخارة راجع الفتوى رقم: 19333، ورقم: 123457.
وإن قدر أن صرفك الله عنها، فلا تندم، فالله عز وجل هو الأعلم بعواقب الأمور، بل دعها، وابحث عن غيرها، فهنالك الكثير من النساء الصالحات.
والعشق علاجه ميسور، وقد أوضحناه في الفتوى رقم: 9360.
وتسميتك المشروع الذي أسسته باسم قريب من اسمها، لا حرج فيه، ولكن نخشى أن يترتب عليه محذور فيما إذا لم يقدر لك الزواج منها، فقد يكون ذلك سببًا لاستمرار تعلق قلبك بها، فينتج عنه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.