السؤال
في فتوى رقم: 246577 ذكرتم أن "أما إذا لم يُعلم حاله، ولا عليه أمارات الحاجة، فلا يجوز إعطاؤه، إلا إذا ادّعى الفقر، ولم يوجد ما يدل على ضد ذلك، فيجوز إعطاؤه" فما هي أمارات الحاجة؟
وكذلك ذكرتم أنه "إذا كان ظاهر حال هذا العامل الحاجة، جاز إعطاؤه" فما معنى ظاهر حال هذا العامل الحاجة؟
فهل راتبهم القليل يكفي لمعرفة أنهم محتاجون؟
ولقد سألت عن ذلك في الفتاوى المباشرة، وذكروا أن ذلك "لا يكفي للحكم بأنهم مساكين، فرواتبهم القليلة، تكفي كثيرا منهم بسبب فارق العملة" ولكن ذكرتم في الفتوى رقم: 272929 "فالغالب على عمال النظافة أنهم من المساكين؛ لكون راتبهم قليلا لا يكفيهم، فيجوز دفع الكفارة إليهم" إذا كيف أعرف ذلك (سواء عمال المساجد، أو غير ذلك) لأني لا أعرف محتاجا؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمارات الحاجة تظهر بالنظر إلى حال الشخص وهيئته، ونحو ذلك، ثم الأمر لا يحتمل كل هذا التعقيد، فالقاعدة أنك لا تدفعين الزكاة إلا مع يقين، أو غلبة ظن باستحقاق الآخذ، وتكفي هنا غلبة الظن؛ لتعذر اليقين في كثير من الأحيان.
قال البهوتي رحمه الله: (ولا يجوز دفع الزكاة إلا لمن يعلم) أنه من أهلها (أو يظنه من أهلها؛) لأنه لا يبرأ بالدفع إلى من ليس من أهلها، فاحتاج إلى العلم به لتحصل البراءة، والظن يقوم مقام العلم؛ لتعذر أو عسر الوصول إليه. انتهى.
ولو فرض أن هذا الآخذ بان غنيا فيما بعد، وقد دفعت إليه مع ظن غالب باستحقاقه، أجزأك ذلك عند كثير من الفقهاء.
جاء في الروض مع حاشيته: إذا دفعها لغني ظنه فقيرا، تجزئه، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد القولين عن الشافعي، واختاره أكثر الأصحاب، وجزم به في الوجيز، للمشقة، ولخفاء ذلك عادة. انتهى.
فإذا لم يكن عندك غلبة ظن باستحقاق الآخذ، فيمكنك سؤاله عما إذا كان مستحقا للزكاة، ويُصدَّق في دعواه، ما لم تقم قرينة على خلاف ما ادعى، فالأمر كما ترين سهل ميسور، وقاعدته واضحة، ولله الحمد.
والله أعلم.