السؤال
هل يجوز لمن يقلد المذهب المالكي أن يخرج عن المشهور في المذهب إذا كان مبتدئا في تعلمه؟ وما الضابط في عدم العمل بمشهور المذهب؟ فأحيانا نجد أن الإمام مالكا ـ رحمه الله ـ نقلت عنه روايات مختلفة في مسألة واحدة، ومن بين هذه الروايات قد تكون واحدة ليست المشهور من المذهب مبنيا عنها، ولكنها موافقة لأدلة صحيحة وصريحة يصعب تركها، فعلى سبيل المثال مسألة رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، ووضع اليدين على الصدر في القيام، و دعاء الاستفتاح، والاستعاذة، والبسملة قبل قراءة الفاتحة، إلى غير ذلك من المسائل؟ وكيف يكون موقف المبتدئ هنا؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقلد المذهب المالكي وغيره من المذاهب يجوز له أن يعمل بغير مشهور مذهبه إذا كان عاميا ـ مبتدئا ـ وأفتاه من يثق بعلمه وورعه أن الراجح يخالف مشهور مذهبه، وبين له ذلك بالدليل، لأن العامي لا مذهب له ـ كما قال العلماء ـ ولا يعتبر هذا خروجا عن المذهب أو قدحا فيه، فإن أئمة المذاهب ـ رحمهم الله ـ لم يكن لهم قصد إلا تجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال مَالِكٌ ـ رضي الله عنه ـ كما في كتاب الموافقات للشاطبي: لَيْسَ أحدٌ مِن خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا يُؤخذ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
وقد ألف الإمام بداه بن البصيري المالكي الشنقيطي كتابا سماه: أسنى المالك في أن من عمل بالراجح ما خرج عن مذهب الإمام مالك ـ بيّن فيه ذلك بالدليل وأقوال أهل المذهب، وانظر الفتوى رقم: 5812، وما أحيل عليه فيها للمزيد من الفائدة.
والأمثلة التي ذكرت الراجح فيها يخالف مشهور المذهب، وقد قال فيها بعض أهل مذهب مالك: الورع أن يأتي بها على القول الراجح الذي يخالف مشهور المذهب، جاء في شرح الزُّرقاني على مختصر خليل: والورع البسملة أول الفاتحة للخروج من الخلاف، قاله القرافي.
ولا يعتبر هذا خروجا عن المذهب ـ كما أشرنا ـ لأنه قول موجود فيه، ولأن من عمل بالراجح لم يخرج من المذهب، كما قال الإمام بداه رحمه الله تعالى.
والله أعلم.