الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقلد المذهب المالكي وغيره من المذاهب يجوز له أن يعمل بغير مشهور مذهبه إذا كان عاميا ـ مبتدئا ـ وأفتاه من يثق بعلمه وورعه أن الراجح يخالف مشهور مذهبه، وبين له ذلك بالدليل، لأن العامي لا مذهب له ـ كما قال العلماء ـ ولا يعتبر هذا خروجا عن المذهب أو قدحا فيه، فإن أئمة المذاهب ـ رحمهم الله ـ لم يكن لهم قصد إلا تجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال مَالِكٌ ـ رضي الله عنه ـ كما في كتاب الموافقات للشاطبي: لَيْسَ أحدٌ مِن خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا يُؤخذ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
وقد ألف الإمام بداه بن البصيري المالكي الشنقيطي كتابا سماه: أسنى المالك في أن من عمل بالراجح ما خرج عن مذهب الإمام مالك ـ بيّن فيه ذلك بالدليل وأقوال أهل المذهب، وانظر الفتوى رقم: 5812، وما أحيل عليه فيها للمزيد من الفائدة.
والأمثلة التي ذكرت الراجح فيها يخالف مشهور المذهب، وقد قال فيها بعض أهل مذهب مالك: الورع أن يأتي بها على القول الراجح الذي يخالف مشهور المذهب، جاء في شرح الزُّرقاني على مختصر خليل: والورع البسملة أول الفاتحة للخروج من الخلاف، قاله القرافي.
ولا يعتبر هذا خروجا عن المذهب ـ كما أشرنا ـ لأنه قول موجود فيه، ولأن من عمل بالراجح لم يخرج من المذهب، كما قال الإمام بداه رحمه الله تعالى.
والله أعلم.