السؤال
هل الحجامة لها علاقة بعلاج تأخر الزواج؟ أم بدعة ما تقوم به الآن مجموعة من الشيوخ والشيخات بفتح مركز للحجامة لعلاج تأخر الزواج وعدم الإنجاب حيث يأخذون مقابل الحجامة مبلغا؟ أنا في حيرة من أمري، فكل واحد يجيب.
هل الحجامة لها علاقة بعلاج تأخر الزواج؟ أم بدعة ما تقوم به الآن مجموعة من الشيوخ والشيخات بفتح مركز للحجامة لعلاج تأخر الزواج وعدم الإنجاب حيث يأخذون مقابل الحجامة مبلغا؟ أنا في حيرة من أمري، فكل واحد يجيب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعنوسة معناها تأخر الزواج ولا علاقة للحجامة بذلك ولا يتصور أن تكون الحجامة سببا في تعجيل النكاح، وراجع الفتوى رقم: 19517، وهي حول العنوسة وأسبابها وطرق القضاء عليها.
لكن قد يكون للحجامة أثر طيب في علاج بعض حالات تأخر الإنجاب لدى النساء وعقم الرجال، كما أفاد بعض الحجامين ممن لهم باع طويل في الحجامة وسبق لهم علاج مثل تلك الحالات، وقد ذكرنا بعض الأحاديث التي تتعلق بالحجامة وذكرنا شيئًا من فوائدها، وتراجع في هذا الفتويان رقم: 17477، ورقم: 18622.
وقد اختلف أهل العلم في التكسب بالحجامة، فذهب بعضهم إلى إباحته وعدم كراهته، وذهب بعضهم لكراهتها، لقوله صلى الله عليه وسلم: شر الكسب مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث. رواه مسلم.
واحتج المبيحون بما رواه البخاري ومسلم عن أنس ابن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: حجم أبو طيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا من خراجه.
وبما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الذي حجمه ولو كان حراماً لم يعطه. هذا لفظ البخاري.
وله أيضاً: ولو علم كراهية لم يعطه.
وعند مسلم: ولو كان سحتاً لم يعطه.
قال ابن قدامة في المغني: ولأنها منفعة مباحة لا يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة فجاز الاستئجار عليها كالبناء والخياطة، ولأن بالناس حاجة إليها ولا نجد كل أحد متبرعاً بها، فجاز الاستئجار عليها كالرضاع، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: وأطعمه رقيقك ـ دليل على إباحة كسبه، إذ غير جائز أن يطعم رقيقه ما يحرم أكله، وتخصيص ذلك بما أعطيه من غير استئجار تحكم لا دليل عليه، وتسميته كسباً خبيثاً لا يلزم منه التحريم، فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحتهما، وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر تنزيهاً له، لدناءة هذه الصناعة، وليس عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام ولا الاستئجار عليها وإنما قال: نحن نعطيه كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكله نهاه وقال اعلفه الناضح والرقيق…. وأن إعطاءه للحجام دليل على إباحته، إذ لا يعطيه ما يحرم عليه، وهو صلى الله عليه وسلم يعلم الناس وينهاهم عن المحرمات فكيف يعطيهم إياها، ويمكنهم منها، وأمره بإطعام الرقيق منها دليل على الإباحة، فتعين حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم …. وكذلك سائر من كرهه من الأئمة بتعين حمل كلامهم على هذا، ولا يكون في المسألة قائل بالتحريم، وإذا ثبت هذا فإنه يكره للحر أكل كسب الحجام، ويكره تعلم صناعة الحجامة، وإجارة نفسه لها، لما فيها من الأخبار، ولأن فيها دناءة فكره الدخول فيها…. انتهى.
وقال النووي في شرح مسلم: وقد اختلف العلماء في كسب الحجام فقال الأكثرون من السلف والخلف: لا يحرم كسب الحجام ولا يحرم أكله لا على الحر ولا على العبد، وهو المشهور من مذهب أحمد، وقال في رواية عنه، قال بها فقهاء المحدثين: يحرم على الحر دون العبد. اهـ.
وفي الإقناع لابن المنذر: وكسب الحجام غير محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الحجام أجره، والنهي الذي وقع فيه نهي تنزيه لا نهي تحريم. اهـ.
وقال الصنعاني في سبل السلام: وقد اختلف العلماء في أجرة الحجام، فذهب الجمهور إلى أنه حلال، واحتجوا بهذا الحديث وقالوا هو كسب فيه دناءة وليس بمحرم، وحملوا النهي على التنزيه. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني