السؤال
السادة الأفاضل: أتابع عن كثب الفتاوى التي تنشرونها على موقعكم الكريم؛ كي أتفقه في أمور ديني، وأصحح أي قصور قد يعتري معرفتي الشرعية، وقد طالعتُ الفتوى رقم: "219721"، وفيها يستفسر الأخ السائل عن "الجلد الميت" الذي يكون على جانبي الإصبع، أو بجانب الأظافر، وقد تفضلتم بالرد عليه بما معناه أن "القشف الميت" لا بد من إزالته كي لا يبطل الوضوء والغسل، مستدلين بقول أحد أئمة الشافعية، وكنتُ أول مرة أعرف هذه المسألة - لجهل مني - ولكني أردتُ أن أبحث عن الأقوال المختلفة فيها؛ لأن من عادتي أن أطالع الآراء المختلفة للعلماء، وأنظر في أدلة كل فريق، وأحاول أن أتبع الرأي الأحوط، أو رأي الجمهور، أو الرأي الذي تترجح أدلته، ولا أميل إلى اتباع الرخص، وهو ما تعلمته من موقعكم الكريم، وبحثتُ عن مسألة "القشف الميت" في المواقع الأخرى؛ لأنني كنتُ أود أن أعرف رأي المذاهب الأخرى في هذه المسألة، وللأسف لم أجد عنها كلامًا كثيرًا، غير أنني وجدتُ فتوى للشيخ "سليمان الماجد"، وفيها يرجِّح أن هذا القشف "ليس من الحوائل التي يصطنعها البشر؛ بل هي جلد الإنسان"، على حد تعبيره، ومن ثم لا يتعين إزالتها، فأخذتُ أفكر في المسألة، محاولة للتوصل إلى الرأي الراجح، دونما اتباعٍ للهوى، أو تتبعٍ للرخص، واسمحوا لي أن أعرض عليكم ما قادني إليه تفكيري، وصوبوني إن كنت مخطئًا، فأنا لا همّ لي سوى الاطمئنان إلى صحة طهارتي وصلاتي التي أعدها تاج رأسي: (1) تعلمتُ من خلال موقعكم الكريم أن الأوساخ الناشئة عن البدن، كالعرق المتجمد، ونحوه، لا تعتبر حائلًا، وتصح معها الطهارة، ألا ترون أن "الجلد الميت" الذي لا يخلو منه أي جسم بشري، خصوصًا حول منطقة الأظافر، أكثر اتصالًا بالجلد من هذه الأوساخ الناشئة عن البدن، بل هي جزء من جلد الإنسان، فضلًا عن أنه لم ينفصل عنه. (2) الأمر ذاته ينطبق على "قشر الرأس" الذي اعتبرتموه من جملة بشرة الإنسان، ولم تعدوه حائلاً في الغسل، ألا ترون أن "قشر الرأس" أكثر انفصالًا عن جسم الإنسان من هذا "القشف الميت" الذي لم ينفصل بعد عن الجلد. (3) "الجلد الميت" يغلف دومًا أجسامنا، ولا يخلو منه أي جسم، بل هناك من يذهب إلى المراكز الصحية لتقشيره وإزالته، ناهيك عن أن "الجلد الميت" ذاته موجود دائمًا حول أظافر الأصابع، وإذا نزعناه لا نحس بألم، رغم أنه جزءٌ من الجلد، فهل أنا مطالب في كل وضوء، وفقًا لهذه الفتوى، أن أبحث عن "الجلد الميت" حول أظافري وأنزعه عن الجلد في كل مرة، واسمحوا لي فهذه الفتوى التي من شأنها أن تعد "الجلد الميت" من الحوائل، قد تفتح علينا باب الوساوس، على الأقل بالنسبة لي شخصيًّا، وأنتم كما تعلمون أنني أصلًا أعاني من وسواس الطهارة، نظرًا لحرصي الشديد، واهتمامي بالتفاصيل الدقيقة. ختامًا: رجاء من حضراتكم أن تفتوني في هذه المسألة، فأنا لا أريد أن أتبع الهوى، أو أن أتتبع الرخص، بل جلّ ما أريده معرفة الرأي الراجح، خصوصًا أنكم لم تسردوا في الفتوى سالفة الذكر سوى رأي أحد أئمة الشافعية، ولم تعرِّجوا على أقوال المذاهب الأخرى، وأرجو أن لا تجعلونني أنتظر كثيرًا، فأنا في العادة أنتظر شهرًا، بل أكثر من شهر، في كل سؤال؛ كي يصل إليّ الرد -جزاكم الله خيرًا -.