السؤال
لقد قلتم في الفتوى رقم: 109465، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: المسخن بالمغصوب وفي كراهة استعماله روايتان إحداهما: يكره وهو المذهب، والرواية الثانية لا يكره ـ انتهى مختصرا، فهل هذا رأي الأئمه الأربعة أنه مكروه؟ أم رأي الإمام أحمد فقط؟ وهل لو أخذت بالرواية الأخرى للإمام أحمد بأنه مباح يصح ذلك؟ أم أكون متتبعا للرخص؟ فقد قرأت للشيخ ابن جبرين قوله: أو سخن بنجاسة أو بمغصوب، لأنه لا يسلم غالبا من صعود أجزاء لطيفة إليه، وفي الحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ـ رواه النسائي والترمذي وصححه. الشرح: الماء إذا سخن بنجاسة ـ كروث حمار أو بغل ـ كره مطلقا، سواء ظن وصولها إليه أو لا، بأن كان الحائل حصينا، لأنه لا يسلم غالبا من وصول أجزاء لطيفة من النجاسة إلى الماء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ـ وقال بعضهم: كره هذا الماء لكون استعمال النجاسة مكروها، فالسخونة حينئذ قد حصلت بفعل مكروه، وقد ذهب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وهو رواية عن أحمد ـ إلى أن هذا الماء لا يكره، لأن طهارته متيقنة، قال النووي: لم يثبت نهي ـ أي في هذه المسألة، ولعل هذا هو الأقرب، أما إذا تيقن وصول شيء من النجاسة إلى الماء المسخن فإنه يعتبر نجسا ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ وقوله: أو بمغصوب ـ أي أن يسخن الماء بمغصوب، كأن يسخنه على حطب قد غصبه من إنسان، وهكذا آلات التسخين المعاصرة كالأفران ونحوها إذا غصبها من إنسان، فإن الماء المسخن بها يكره استعماله لاستعمال المغصوب في تسخينه، ولعل الأرجح أن الماء المسخن بالمغصوب لا يكره لعدم الدليل على كراهته ـ وهذه هي الرواية الثانية عن أحمد ـ ولكن يأثم الغاصب، كما هو معلوم، ففهمت من قول الشيخ: ولعل الأرجح ـ أنه لا يكره.