السؤال
في صلاة الصبح أم المصلين أحدهم لغياب الإمام، مع العلم بأن هناك من هو أحق منه وأعلم منه ولكنه تقدم للإمامة من غير أن يقدمه أحد، وفي الركعة الثانية ركع ورفع من الركوع وشرع في القنوت، ثم ركع مرة أخرى فسبح له المصلون فخر ساجدا وسجد السجدة الثانية ثم جلس للتشهد، ثم سجد للسهو قبل السلام سجدة واحدة ثم رفع رأسه من غير أن يكبر أو كبر في سره فلم يسمعه المأمومون، وسلم والمأمومون ساجدون فرفعوا من السجود وسلموا. فما الحكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الإمام قد زاد ركوعا في الصلاة، وكان الواجب عليه أن يرجع قائما بعده ثم يسجد، ثم يسجد للسهو لهذه الزيادة بعد السلام، فإن كان قد رجع قائما ثم سجد فقد فعل ما يجب عليه، وإن كان قد سجد من ركوع فإن الشافعية يقولون إن هويه للسجود من الركوع لا يكفي، لأن هويه للركوع قبل ذلك لم يكن بقصد السجود وإنما كان للركوع، لأن الواجب أن يهوي إلى السجود لا يقصد غيره، وهذا حين هوى من القيام لم يكن قاصدا السجود وإنما كان قاصدا للركوع.
قال في مغني المحتاج في بيان صفة السجود الواجب: ( وأن لا يهوي لغيره ) أي السجود بأن يهوي له أو من غير قصد كما مر في الركوع ( فلو سقط لوجهه ) أي عليه من الاعتدال ( وجب العود إلى الاعتدال ) ليهوي منه لانتفاء الهوي في السقوط. انتهى.
وقال ابن قاسم العبادي في حاشيته على شرح البهجة لزكريا الأنصاري ناقلا عن ابن حجر الهيتمي: (سها عن الركوع فهوى قاصدا السجود فلا يكفي عن الركوع، وقصد الركوع عن السجود كأن ركع ثم نسي الركوع ثم هوى ليركع ثم تذكر أنه فعله فلا يكفي ذلك للسجود. انتهى.
فلا تصح الصلاة والحالة هذه عند الشافعية.
وأما المالكية فالمعتمد عندهم أن قصد الانتقال لا يجب، فلو سجد من قيام حيث يشرع السجود من جلوس أو العكس لم تبطل صلاته وإنما يشرع سجود السهو قبل السلام، ومقتضاه أن هذا الإمام لو كان انحط لسجوده من الركوع أن صلاته صحيحة.
قال في منح الجليل: (لا ) يجلس تارك ( سجدتين ) سهوا تذكرهما قائما فينحط لهما منه، وإن تذكرهما جالسا قام وانحط لهما من قيام، فإن سجدهما من جلوس فلا تبطل ويسجد قبل السلام إذ الانحطاط لهما من قيام غير واجب . انتهى.
وقال في مواهب الجليل: ( تنبيه ) علم من هذا أن الانحطاط للسجدتين من القيام ليس بواجب، وأنه لو انحط أولا للسجود - كذا في المطبوع ولعلها "لو انحط أولا للجلوس" - ثم سجد السجدتين من جلوس أنه لا تبطل صلاته. انتهى.
وما دام الأمر قد وقع على هذا الوجه فلا نرى حرجا في الأخذ بقول المالكية والحكم بصحة الصلاة والحال ما ذكر، ولكن ليعلم أن سجود السهو سجدتان لا واحدة، وفي وجوب سجود السهو وبطلان الصلاة بتركه خلاف للعلماء، والجمهور على أنه سنة لا تبطل الصلاة بتركه، وانظر لتفصيل القول في هذه المسألة ومعرفة مذاهب العلماء فيها الفتوى رقم: 139262.
والله أعلم.