السؤال
كنت ذاهبا بسيارتي، كان معي أحد أصحاب النفوس الضعيفة ووقفت عند بائع الجرائد واشتريت جريدة، وأتاني البائع وقال لي: لقد وجدت هاتفا جوالا ملقى على الأرض ماذا أفعل به؟ قلت له : اذهب به لمركز الشرطة وهم سيوصلونه لصاحبه أو انتظر اتصالا من صاحب الجوال.
وقال لي البائع: إن الجوال معي منذ أمس ولم يتصل أحد حتى الآن.
وقال صاحب النفس الضعيفة : قف قف سآخذ الجوال (وكان يريد أن يحتال على البائع و يسرق الجوال).
وقلت له :لا يجوز هذا حرام ونصحته لكنه لم يقتنع.
وكان يصر علي أن أتوقف وأنا أكرر له هذا لا يجوز هذا لا يجوز ولكن للأسف لم يقتنع.
ولكن في الأخير وقفت و بدون شعور .
وأنا الآن ندمان على وقوفي ولقد قاطعت صاحب السوء هذا وأسأل الله أن يهديه .
وأريد أن أعرف الحكم المترتب علي وهل علي إثم على وقوفي هذا؟ وهل علي إثم إذا لم أستطع استعادة الجوال من صاحب السوء ؟
(هذه القصة بلسان أخ لي)
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحكم الجوال المذكور حكم اللقطة وقد بيناه في الفتويين: 5663 ، 103855.
ولم يكن لملتقطه أن يدفعه إلى من لايؤتمن عليه. ولا يجوز التصرف في اللقطة قبل تعريفها ومضي الحول عليها كما بينا سابقا، سيما وأن الجوال يمكن الاهتداء إلى صاحبه غالبا باستخدام شريحة الاتصال ونحوها.
وعلى كل فإن أخاك لا إثم عليه فيما حصل لأنه قد نصح صاحبه ألا يأخذ الجوال وليس له سلطة عليه ولا على الملتقط الأول.
وبالتالي فمسؤوليته هي النصح والتوجيه لكن إن استطاع تخليص الجوال من صاحبه ورده إلى مالكه متى عرفه أو استطاع معرفته فيلزمه ذلك، وإلا فلا حرج عليه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وفي رواية: وليس وراء ذلك من الأيمان حبة خردل.
وقد أحسن صنعا بتركه صحبة رفيق السوء لعل ذلك يؤثر فيه لكن لايهجره هجر قطيعة إن كان ذلك لايثنيه عن فسقه، بل ينصحه ويذكره ما استطاع إلى ذلك سبيلا لئلا يدعه لرفاق السوء فلا يجد ناصحا فيكون تركه سببا في بعده عن الخير بعدا أشد مما لو كان يجالسه أحيانا . وهذا من باب الحكمة في الدعوة فلكل أسلوب مقامه ولكل مقام مقاله.
فالهجر إن كان يؤثر في الفاسق فهو من باب الدعوة والإصلاح كما بينا في الفتوى رقم: 59055.
والله أعلم.