الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحكم الجوال المذكور حكم اللقطة وقد بيناه في الفتويين: 5663 ، 103855.
ولم يكن لملتقطه أن يدفعه إلى من لايؤتمن عليه. ولا يجوز التصرف في اللقطة قبل تعريفها ومضي الحول عليها كما بينا سابقا، سيما وأن الجوال يمكن الاهتداء إلى صاحبه غالبا باستخدام شريحة الاتصال ونحوها.
وعلى كل فإن أخاك لا إثم عليه فيما حصل لأنه قد نصح صاحبه ألا يأخذ الجوال وليس له سلطة عليه ولا على الملتقط الأول.
وبالتالي فمسؤوليته هي النصح والتوجيه لكن إن استطاع تخليص الجوال من صاحبه ورده إلى مالكه متى عرفه أو استطاع معرفته فيلزمه ذلك، وإلا فلا حرج عليه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وفي رواية: وليس وراء ذلك من الأيمان حبة خردل.
وقد أحسن صنعا بتركه صحبة رفيق السوء لعل ذلك يؤثر فيه لكن لايهجره هجر قطيعة إن كان ذلك لايثنيه عن فسقه، بل ينصحه ويذكره ما استطاع إلى ذلك سبيلا لئلا يدعه لرفاق السوء فلا يجد ناصحا فيكون تركه سببا في بعده عن الخير بعدا أشد مما لو كان يجالسه أحيانا . وهذا من باب الحكمة في الدعوة فلكل أسلوب مقامه ولكل مقام مقاله.
فالهجر إن كان يؤثر في الفاسق فهو من باب الدعوة والإصلاح كما بينا في الفتوى رقم: 59055.
والله أعلم.