الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الإحسان إلى الأم وبرها وزيارتها

السؤال

وقع خلاف بيني وبين عائلتي مما أدى إلى انفصالي عنهم، والسبب هو أن أخي الكبير قال لي إن لم تطلق زوجتك ستخرج من البيت، أو أخرج أنا، والبيت هو ملك العائلة كلها مما أدى إلى أنهم لا يكلمونني إلا قليل منهم ونحن أربعة إخوة وأربع بنات وأمي، وأبي متوفى ـ رحمه الله ـ وذات يوم وأنا أريد أن أذهب لزيارة أمي طلبت مني أختي الكبيرة أن لا أذهب إليها أي أنها تريد أن تمنعني من زيارتها، فما الحكم في ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أمر الله تعالى ببر الوالدين وإكرامهما وإحسان صحبتهما، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23}. وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}.

والإحسان إليهما من أفضل الأعمال وأكثرها أجرا ومثوبة، فقد جاء عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال ثم بر الوالدين، قلت ثم أي؟ قال ثم الجهاد في سبيل الله. متفق عليه، واللفظ لمسلم.

أما عقوقهما والإساءة إليهما: فمن أكبر الكبائر ـ والعياذ بالله تعالى ـ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين... متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وقد ثبت التأكيد على بر الأم خاصة، جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال ثم أمك؟ قال ثم من؟ قال ثم أمك، قال ثم من؟ قال ثم أبوك.

وفي سنن النسائي أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال هل لك من أم؟ قال نعم، قال فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.

وبناء على ما تقدم، فالواجب عليك الإحسان إلى أمك وبرها، وما أرادته أختك من عدم زيارتك لأمك معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب ولا يجوز لك الإصغاء إلى أمرها وعليك نصحها هي وباقي الإخوة والأخوات، وتحذير الجميع من قطيعة الأم وضرورة برها والإحسان إليها، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 111328.

كما أنه لا يجوز لك قطع سائر رحمك من إخوة وأخوات وغيرهم ولو كانوا يسيئون إليك، فيجب أن تصلهم بالقدر الذي تحصل به الصلة عندكم عرفا، وأجاز أهل العلم هجر القريب وغيره إذا تعين وسيلة لكفه عن الإثم أو غلب على الظن حصول الضرر منه إذا لم يهجره، وراجع الفتويين رقم: 125053، ورقم: 62260.

ولا يلزمك أن تطلق زوجتك استجابة لأي منهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني