السؤال
شرب السجاير يبطل الصلاة. سمعت شيخا يقول إن السجاير فيها نسبة من الكحول والكحول تدخل في تصنيع الخمرة؟
شرب السجاير يبطل الصلاة. سمعت شيخا يقول إن السجاير فيها نسبة من الكحول والكحول تدخل في تصنيع الخمرة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكره هذا الشيخ من كون السجائر تحتوي على نسبة من الكحول هو مما لا علم لنا به، وانظر الفتوى رقم: 56601، ولا شك في تحريم السجائر لما تشتمل عليه من الضرر المحقق، ولا يلزم من تحريمها بطلان صلاة متعاطيها أو حاملها، وقد صرح الفقهاء بطهارة الدخان. وإذا كان طاهرا غير نجس فإن الصلاة لا تبطل به.
جاء في الموسوعة الفقهية: صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِطَهَارَةِ الدُّخَّانِ . قَال الدَّرْدِيرُ : مِنَ الطَّاهِرِ الْجَمَادُ ، وَيَشْمَل النَّبَاتَ بِأَنْوَاعِهِ ، قَال الصَّاوِيُّ: وَمِنْ ذَلِكَ الدُّخَّانُ. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: الصلاة تصح ولو كان حاملا له ، وذلك لأنه ليس بنجس، إذ ليس كل حرام يكون نجسا، وأما النجس فهو حرام ، فهاتان القاعدتان ينبغي لطالب العلم أن يفهمهما: ليس كل حرام نجسا ، والقاعدة الثانية كل نجس فهو حرام ، فالقاعدة الأولى أنه ليس كل حرام نجسا ، فإننا نرى أن السم حرام وليس بنجس، نجد أن دخان السيجارة حرام وليس بنجس. انتهى باختصار.
وعليه فالأصل صحة صلاة متعاطي الدخان وحامله وإن كان آثما بتعاطيه وحمله بلا شك، وما لم تثبت صحة ما ذكره هذا الشيخ بيقين فالأصل هو عدم التجاسر على إبطال صلاة المسلمين، فإن ثبت كونها مشتملة على الكحول فإن هذه المسألة تتفرع على حكم الكحول فمن قال بنجاسته وهو قول الجمهور وهو الراجح عندنا فإنه يوجب على شارب الدخان غسل فمه من أثر ما فيه من الكحول وإلا كان متعرضا لإبطال صلاته.
قال شيخ الإسلام في شأن الحشيشة وهو رحمه الله يرى نجاستها: الصواب أن آكلها يحد وأنها نجسة، فإذا كان آكلها لم يغسل منها فمه كانت صلاته باطلة. انتهى.
ودخان النجاسة نجس قال العلامة الشربيني في مغني المحتاج: دخان النجاسة نجس يعفى عن قليله.
وذلك لأن الدخان له جرم يدخل إلى الفم ثم الجوف، فمن تعاطى الدخان المشتمل على الكحول كان قد أدخل إلى فمه شيئا من الكحول.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله في حكم استنشاق الصائم للدخان: وأما الدخان فلا يفطر أيضاً إلا من استنشقه حتى وصل إلى جوفه فإنه يفطر في هذه الحال، لأن الدخان له جرمٌ يتخلل المسام فيصل إلى الجوف وإذا استنشقه فقد أدخله من منفذٍ معتاد فإن الأنف منفذٌ معتاد يغذى به الإنسان عند العجز عن التغذية عن طريق الفم. انتهى.
وبهذا تعلم أن هذا الدخان الناشئ عن هذه السجائر إن كان يسيرا عرفا فهو معفو عنه وإلا فلا، وأما على القول بطهارة الكحول فالحكم واضح.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني