الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمنشطات الجنسية ـ سواء أكانت طبيعية أو مصنعة ـ الأصل أنه لا حرج في تناولها، ما لم تؤد إلى ضرر معتبر شرعاً، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 5385، ورقم: 27480.
ويشترط فيها ما يشترط في سائر المطعومات، ومن ذلك الطهارة، لقوله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ {الأعراف: 157}.
وطهارة مني الحيوان مأكول اللحم كالثيران: محل خلاف بين أهل العلم والجمهور على نجاسته، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية والمالكية ـ وهو قول عند الشافعية والحنابلة ـ إلى أن المني نجس، ولهم في ذلك تفصيل.
فقال الحنفية: إن المني نجس ـ سواء من الإنسان أو من الحيوانات كلها ـ دون التفرقة بين مأكول اللحم وغير مأكوله.
وقال المالكية: المني نجس إذا كان من آدمي أو من حيوان محرم الأكل بغير خلاف، أما مني مباح الأكل ففيه خلاف. فقيل بطهارته، وقيل بنجاسته، للاستقذار والاستحالة إلى فساد، وهو المشهور.
وذهب الشافعية ـ في الأصح ـ إلى أن مني غير الآدمي ونحو الكلب نجس كسائر المستحيلات.
وقال النووي: إن الأصح طهارة مني غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما لأنه أصل حيوان طاهر فأشبه مني الآدمي.
وفي مقابل الأصح عند الشافعية وقول الحنابلة: أنه طاهر من المأكول نجس من غيره كلبنه. اهـ. بتصرف واختصار.
ويتفرع على هذا الخلاف: حكم الانتفاع به وحكم بيعه، فيجوز على القول بطهارته، ولا يجوز على القول بنجاسته، إذ لا يجوز بيع النجاسات، كالخمر والخنزير والدم، فإنه ـ كما جاء في الموسوعة: فاسد عند جمهور الفقهاء، والمعنى فيه هو نجاسة عينه، ويلحق بهما باقي نجس العين، وكذا كل ما نجاسته أصلية أو ذاتية ولا يمكن تطهيره، ونقل ابن قدامة عن ابن المنذر إجماع أهل العلم على القول به، ودليله حديث جابر: إن الله ورسوله حرما بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. اهـ.
وقال الشيخ الشنقيطي: قد تقرر في الشرع ـ ويكاد يكون قول الجماهير خلافاً للحنفية - أن النجس لا يجوز بيعه، لحديث جابر بن عبد الله: إن الله ورسوله حرم بيع الميتة والخمر والخنزير والأصنام.
فإذا ثبت أن النجس لا يجوز بيعه، وحكمت على المني الخارج من الحيوان الذي يؤكل لحمه أنه طاهر، ففي هذه الحالة لو سألك سائل عن بيع مني الحيوان كما يفعل بالحقن، وتحقن به الإناث من أجل أن تخصب وتنجب: هل يجوز أو لا يجوز؟ فعلى القول بنجاسة فضلته: لا يجوز بيعه، لأنه لا يجوز بيع النجس، وعلى القول بطهارتها: يجوز بيعه، لأنه طاهر أشبه بسائر الطاهرات. اهـ.
وعلى القول بنجاسته لا يجوز الانتفاع به ـ أيضا ـ ولو بغير البيع، إلا إن كان قد عولج كيميائيا حتى استحال إلى عين أخرى، ثم جعلت في مكونات المعجون المذكور، فلا حرج ـ عندئذ ـ في استعمالها، لأن الاستحالة مطهرة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 25587، ورقم: 6783.
وراجع الفتوى رقم: 77436.
ثم ننبه على أمرين:
الأول: أن أكل المني ـ على القول بطهارته ـ له حكم خاص دون سائر أوجه الانتفاع، وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 22228، بيان حرمة ابتلاعه، وأن من قال بطهارته كالشافعية، فإنه على الصحيح من مذهبهم: لا يجوز ابتلاعه، قال النووي في المجموع: هل يحل أكل المني الطاهر؟ فيه وجهان: الصحيح المشهور أنه لا يحل، لأنه مستخبث، قال تعالى: ويحرم عليهم الخبائث {الأعراف:157}. انتهى.
الثاني: أنه لا يصح هنا أن يقال: إن استعمال النجاسات أو المحرمات تجوز هنا لضرورة العلاج، فإن من قال بذلك من أهل العلم اشترط عدم وجود البديل الطاهر أو المباح، قال النووي في المجموع: إنما يجوز التدواي بالنجاسة إذا لم يجد طاهرا يقوم مقامها، فإن وجده حرمت النجاسات بلا خلاف. انتهى.
فالذي ننصح به على ـ أية حال ـ هو البعد وصرف النظر عن مثل هذا المشروع المذكور في السؤال.
والله أعلم.