الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضمان المشتري للبائع بيع السلعة إليه إذا أراد استرجاعها

السؤال

في محاولةٍ لقضاء حاجة الناس لبعض المال بشكلٍ عاجل، أقترح عليهم أن يبيعوني شيئاً من أغراضهم الخاصة، على أن يسترجعوها كما هي وقت ما شاءوا بإعادة شرائها مني مرةً أخرى.
هكذا يحصل الجميع على سيولة نقدية عاجلة، وأحصل أنا لقاء خِدمتي على الفرق بين سعري البيع، وإعادة الشراء.
هل هذه المعاملة حلال من الناحية الشرعية؟
علماً أني آخذ فرقاً بسيطاً في السعر، ولا يتم ذلك إلا بعد أخذ موافقة، ورضى الطرف الآخر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمعاملة المذكورة في السؤال فيها شبه بما يسمى بيع الوفاء المعروف عند بعض الفقهاء، وهو أن يبيع المحتاج إلى النقود عقاراً، أو منقولًا صالحًا للبقاء مدة طويلة على شرط استرداده له عند ما يعيد الثمن للمشتري، وهو بيع محرم عند جماهير العلماء، وراجع الفتوى: 126921.

وبيع الوفاء يكون استرداد المبيع بمثل الثمن الذي بيع به ابتداء، ولكن الظاهر أن الصورة هنا مختلفة، لأن الاسترداد يكون بثمن أكثر من ثمن الشراء لقولك أنك تربح من (الفرق بين سعري البيع وإعادة الشراء)، وهذا شبيه بما يعرف في المعاملات المعاصرة في بعض البنوك باسم: "اتفاقية إعادة الشراء".

وقد بحث بعض المعاصرين هذه المعاملة، وناقش بعض التخريجات الفقهية لها، وبين عدم صحتها، وانتهى إلى تحريمها لكونها في الحقيقة قرضا بفائدة مشروطة، وهو ما لا يختلف في تحريمه.

يقول الدكتور يوسف الشبيلي في أدوات إدارة المخاطر السيولة وبدائل اتفاقية إعادة الشراء في المؤسسات المالية الإسلامية:

تعرف اتفاقية إعادة الشراء بأنها: بيع أوراق مالية، أو أصول قابلة للتسييل بسعر محدد مع التعهد بشرائها من المشتري في تاريخ محدد يذكر في الاتفاقية..........

وبه يتبين أن في اتفاقية إعادة الشراء يهدف البائع للحصول على السيولة النقدية -أي أنه في مركز المتمول- فهو يبيع الأوراق المالية بقصد الحصول على ثمنها النقدي من المشتري، ثم في الموعد الآجل يسترد البائع أوراقه المالية بثمن أعلى من الثمن الأول، والفرق بين الثمنين هو تكلفة التمويل على المتمول (البائع)، ويسمى عائد اتفاقية الشراء.

والذي يترجح أنّه لا يصح تخريج اتفاقية إعادة الشراء على بيع الوفاء، ولا أن يجري على اتفاقية إعادة الشراء الخلاف في حكم بيع الوفاء؛ ذلك أن المشتري في بيع الوفاء يستعيد الثمن بدون زيادة بينما في اتفاقية إعادة الشراء، وفي معكوسها يستعيد مشتري الأوراق المالية ثمنها الآجل بزيادة مشروطة.

الحكم الشرعي لاتفاقية إعادة الشراء:

بناء على التوصيف السابق لاتفاقية إعادة الشراء، فيتبين تحريم هذه الاتفاقية بوضعها الراهن؛ لأمرين: الأمر الأول: هيكلة الاتفاقية:

فقد تبين مما تقدم أن هذه الاتفاقية في حقيقتها قرض بفائدة، وأنّ البيع والشراء فيها غير حقيقين. وقد سبق حكاية الإجماع على تحريم القرض بفائدة مشروطة للمقرض.

وربا الديون -ومنه القرض بمنفعة مشروطة للمقرض- لا يختص ببعض الأموال دون بعض، بل يجري في جميع الأموال ما كان منها ربويا وما لم يكن. انتهى مختصرا.

وعليه؛ فالمعاملة المذكورة في السؤال؛ لا تجوز فاجتنبها، وطرق الكسب الحلال كثيرة لمن تحراها وابتغاها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني