السؤال
حدث معي حادث مروري قبل ما يقارب 8 سنوات، ونتج عنه وفاة شخصين نتيجة هذا الحادث، وكان أحدهما مسلم من الجنسية البنغلاديشية، والآخر غير مسلم. وقد قمت بالحج عن المسلم. أما المتوفى الآخر فلا أعلم ماذا أفعل له. وإن لم أستطع من الاستدلال على أهاليهم فماذا أفعل؟ علما بأنه لدي رغبة في بناء مسجد في بلد المتوفى غير المسلم أو المسلم ليكون باسميهما حين توافر السيولة الكافية إن شاء الله، علما بأن قيمة بناء المسجد تبلغ تقريبا 15000 دولار أمريكي، ولا أملك هذا المبلغ حاليا ؟ وهل أستطيع دفع مبلغ وقف لكل شخص بما يعادل 5000 دولار أمريكي لترميم المساجد أو أي من جهات الوقف الأخرى؟ وماذا عن مبلغ الدية إن لم أملك هذا المبلغ، والبلد الذي أعيش فيه لا يطبق أحكام الشريعة الإسلامية ؟ وما دور العاقلة في هذه الحالة ؟
أفيدوني أفادكم الله. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت قد أخذت بأسباب السلامة، واتبعت قوانين المرور كما بينا في الفتوى: 3120، ولم تتسبب في الحادث فلا إثم عليك ولا كفارة ولا دية، وما حدث يعتبر أمرا سماويا وكارثة طبيعية كغيرها من المصائب والكوارث اليومية التي تقع للناس.
أما إذا كان حصل منك تفريط أو تقصير أو مخالفة، فإن عليك دية الشخصين إلا إذا عفا عنك ورثتهما، والدية على العاقلة (قبيلتك) وأنت كفرد منهم، إلا إذا امتنعوا فتكون عليك، وعليك الكفارة عن المسلم منهما دون غيره، على الراجح من خلاف أهل العلم في المسألة، وهي تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين مع التوبة. وانظر الفتويين: 14436، 41120، وما أحيل عليه فيهما للمزيد من الفائدة والتفصيل عن مقدار الدية واختلاف أهل العلم في تفاوتها.
وأما ما فعلته من الحج، وما تفعله من الخير فلست ملزما به شرعا، ولا يكفي عن الدية والكفارة، إذا قلنا بلزومهما، ولكننا نرجو أن يتقبلها الله منك، فهي من أفعال الخير التي ينبغي للمسلم أن يعمل ما استطاع منها.
وكونك لا تعرف أهلهما لا يسقط عنك هذه الأحكام إذا لزمتك، فلا بد من البحث عن أهل الحق وتوصيله إليهم، ولن تعدم وسيلة لذلك، وخاصة في هذا العصر الذي توفرت فيه وسائل الاتصال والأوراق الشخصية. ولا تسقط كذلك بوجودك في بلد لا يطبق أحكام الشريعة، وأما دور العاقلة فهو كما ذكرنا أداء الواجب من التعاون على البر والتقوى ودفع الدية لأهل القتيلين.
والله أعلم .