الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم الأب إذا أرسل ابنه للدراسة فوقع في الحرام؟

السؤال

هل يأثم الرجل إذا بعث ابنه للدراسة في تركيا، ثم وقع الابن في الحرام لا سمح الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على الأب أن يحسن تربية ابنه ويجنبه المعاصي والفتن، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم (6}.

وإذا فرّط الأب في ذلك، فهو مسؤول أمام الله، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ... متفق عليه.

أما عن سؤالك، فقد سبق أن الدراسة في الجامعات المختلطة التي يتعرض الشباب فيها للفتن، لا تجوز إلا لضرورة أو حاجة شديدة، كما بينا في الفتوى: 2523.

فإذا كان الرجل قد أرسل ابنه للدراسة في جامعة مختلطة، وكان يغلب على ظنه وقوعه في المعاصي لما يحيط به من فتن، فهو آثم، لأنه أعانه على المعصية، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2}.

وأما إذا لم يفرّط في تربية ولده، وكانت الدراسة التي أرسله إليها لا تشتمل على فتن ومنكرات، فلا إثم عليه، ولو وقع الولد في المعاصي، لأن الأصل أن أحداً لا يحمل ذنب غيره، قال تعالى: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}، وراجع الفتوى: 45811.

و إننا ننصح هذا الرجل بأن يوجه ابنه إلى الدراسة في جامعة لا تشتمل على الفتن والمنكرات، وإذا كان مضطراً للدراسة في الجامعات المختلطة، فعليه نصحه أن يجتنب الفتن ما استطاع، ويحرص على صحبة صالحة تعينه على الخير، مع الاستعانة بالله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني