الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الإعانة على بيع التماثيل

السؤال

عرض عليَّ زوجي أن يكون وسيطًا في بيع تمثال فرعوني قديم، وكان سيدخل علينا المال الكثير الذي نحتاجه لسد ديون كثيرة، والخلاص من مشاكل كثيرة، ولكني بعد الاطلاع على فتاوى كثيرة بين التي تحرم هذا العمل، وبعضها أباحه، ذهبت أكثر إلى تحريمها، وطلبت من زوجي ألا يكون وسيطًا في هذا البيع، وقد وافق على طلبي هذا.
سؤالي هو: هل يعوض الله زوجي لتركه هذا العمل؟ لأنني لا أريد مالًا حرامًا في بيتي، وفي نفس الوقت لا أريد أن أرى زوجي يتعذب من كثرة الديون والمشاكل التي طالت، ولا توجد حلول، أو من يسامح في الدين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت أنت وزوجك في ترك الوساطة في بيع هذا التمثال، فإن بيع التماثيل محرم، لما رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح يقول: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ. وراجعي في ذلك الفتوى التالية: 117447.

ولا نعلم وجهاً ولا قولاً معتبراً لأحد العلماء بجواز بيع التماثيل، فبيع التماثيل والإعانة على بيعها محرمان.

ولا شك أن من ترك شيئاً ابتغاء وجه الله، فإن الله تعالى بفضله وكرمه يثيبه على ذلك في الدنيا أو الآخرة، أو في كليهما، قال الله تعالى: فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة:158].

قال السعدي في تفسيره: الشاكر والشكور من أسماء الله تعالى الذي يقبل من عباده اليسير من العمل ويجازيهم عليه العظيم من الأجر ... ومن شكره لعبده أن من ترك شيئًا لله أعاضه خيرًا منه. انتهى.

وروى أحمد في مسنده عن أبي قَتَادَةَ وأبي الدَّهْمَاءِ قَالاَ أَتَيْنَا على رَجُلٍ من أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقُلْنَا هل سَمِعْتَ من رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئاً؟ قال: نعم. سَمِعْتُهُ يقول: إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئاً لِلَّهِ -عزَّ وجلَّ- إلا بَدَّلَكَ الله بِهِ ما هو خَيْرٌ لك منه. ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد، وله طرق أخرى بألفاظ مقاربة ذكرها السخاوي في المقاصد الحسنة.

نسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن يقضي عنكما الدين، وأن يفرج كربكما، ويغنيكما بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه. وراجعي للفائدة أدعية مأثورة في قضاء الدين في الفتاوى التالية: 26503، 47551، 59662.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني