السؤال
لو سمحت أنا أبي وأمي منفصلان منذ كان عمري سنتين، وأنا الآن عندي 22 سنة وفي حياتي كلها لم أر أبي أكثر من خمس مرات تقريبا لأنه رفض أن يكون له صلة بيننا أنا وأختي وهو لا يصرف علينا منذ حوالي عشر سنين تقريبا، مع العلم بأنه كان يعمل في دولة الإمارات كموظف حكومي بدرجة عالية لمدة 23سنة تقريبا ونتيجة لذلك أمي رفعت عليه قضايا بالحبس بالدفع لرفضه الدفع وهو الآن بسبب ذلك مستخف فاضطرت أمي أنها ترسل محضرين إلى منازل عماتي وأعمامي عدة مرات ويفتشوا منازلهم وذلك لإجبارهم على أن يقولوا على مكان أبي كي يدفع ما عليه مما يؤدي إلى حدوث مشاكل كثيرة وقطيعة بيني وبينهم بسبب ذلك وقد علمت فى إحدى زياراتي لعمتي أن لها منزلا آخر غير الذي تسكن فيه وهناك احتمال كبير جداً أن أبي يكون قاعدا هناك وقد فكرت في طريقة أخبر بها أمي عن المكان بدون أن يعلموا أنني من أخبرتها وذلك سوف يحل المشاكل التي بيننا جميعا لأنها حين تجده سيضطر إلى دفع ما عليه وبذلك تنتهي هذه الخلافات، فهل يجوز لي أن أخبرها بمكانه وهل هذا يعتبر فتنة أو خيانة لعمتي حيث إنها لو تعلم أني ساخبر أمي بهذا كان يمكن ألا تذكر أن لها منزلا آخر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى الوالد أن يؤدي ما عليه من واجب تجاه زوجته وبناته، وأن لا يتهرب من ذلك، فإنه مطالب بذلك شرعاً قبل أن يطالب به قضاء، وهو إن تمكن من الهرب في الدنيا فلن يستطيع الهرب يوم القيامة، وإذا كان معسراً فعليه أن يثبت إعساره للقاضي، وللمعسر شأن آخر... ولا يجوز لأعمامك وعماتك التستر عليه، ومساعدته على الهروب من أداء الحق، ولك ولوالدتك الأخبار بمكان وجود والدك حتى يستوفى منه الحق.
قال ابن تيمية رحمه الله في السياسة الشرعية: ومن آوى.. من وجب عليه حد أو حق لله تعالى أو لآدمي، ومنعه ممن يستوفى منه الواجب بلا عدوان، فهو شريكه في الجرم... فما وجب حضوره من النفوس والأموال، يعاقب من منع حضورها، ولو كان رجلا يعرف مكان المال المطلوب بحق، أو الرجل المطلوب بحق، وهو الذي يمنعه فإنه يجب عليه الإعلام به والدلالة عليه ولا يجوز كتمانه، فإن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وذلك واجب بخلاف ما لو كان النفس أو المال مطلوباً بباطل، فإنه لا يجب الإعلام به.. فإن امتنع هذا العالم به من الإعلام بمكانه، جازت عقوبته بالحبس وغيره حتى يخبر به، لأنه امتنع من حق واجب عليه، لا تدخله النيابة فعوقب كما تقدم.. وهو يشبه من عنده مال الظالم المماطل من عين أو دين، وقد امتنع من تسليمه لحاكم عادل، يوفي به دينه، أو يؤدي منه النفقة الواجبة عليه لأهله أو أقاربه أو مماليكه أو بهائمه، وكثيراً ما يجب على الرجل حق بسبب غيره، كما تجب عليه النفقة بسبب حاجة قريبه، وكما تجب على عاقلة القاتل. انتهى.
وينبغي إخفاء كونك من أخبر والدتك بذلك، حتى لا يترتب على ذلك قطيعة رحم، فإن علموا وقطعوك فلا حرج عليك ما دمت تصلينهم.
والله أعلم.