الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى الوالد أن يؤدي ما عليه من واجب تجاه زوجته وبناته، وأن لا يتهرب من ذلك، فإنه مطالب بذلك شرعاً قبل أن يطالب به قضاء، وهو إن تمكن من الهرب في الدنيا فلن يستطيع الهرب يوم القيامة، وإذا كان معسراً فعليه أن يثبت إعساره للقاضي، وللمعسر شأن آخر... ولا يجوز لأعمامك وعماتك التستر عليه، ومساعدته على الهروب من أداء الحق، ولك ولوالدتك الأخبار بمكان وجود والدك حتى يستوفى منه الحق.
قال ابن تيمية رحمه الله في السياسة الشرعية: ومن آوى.. من وجب عليه حد أو حق لله تعالى أو لآدمي، ومنعه ممن يستوفى منه الواجب بلا عدوان، فهو شريكه في الجرم... فما وجب حضوره من النفوس والأموال، يعاقب من منع حضورها، ولو كان رجلا يعرف مكان المال المطلوب بحق، أو الرجل المطلوب بحق، وهو الذي يمنعه فإنه يجب عليه الإعلام به والدلالة عليه ولا يجوز كتمانه، فإن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وذلك واجب بخلاف ما لو كان النفس أو المال مطلوباً بباطل، فإنه لا يجب الإعلام به.. فإن امتنع هذا العالم به من الإعلام بمكانه، جازت عقوبته بالحبس وغيره حتى يخبر به، لأنه امتنع من حق واجب عليه، لا تدخله النيابة فعوقب كما تقدم.. وهو يشبه من عنده مال الظالم المماطل من عين أو دين، وقد امتنع من تسليمه لحاكم عادل، يوفي به دينه، أو يؤدي منه النفقة الواجبة عليه لأهله أو أقاربه أو مماليكه أو بهائمه، وكثيراً ما يجب على الرجل حق بسبب غيره، كما تجب عليه النفقة بسبب حاجة قريبه، وكما تجب على عاقلة القاتل. انتهى.
وينبغي إخفاء كونك من أخبر والدتك بذلك، حتى لا يترتب على ذلك قطيعة رحم، فإن علموا وقطعوك فلا حرج عليك ما دمت تصلينهم.
والله أعلم.