الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed Abo Elsoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أنا اطلعتُ على رسالتك بكل دقة، وأنت لديك أيضًا استشارة سابقة رقمها (
2462505) أجبتُ عليها أنا بتاريخ 23/12/2020، وأعتقد ما ورد في تلك الاستشارة مهمٌّ جدًّا، أرجو أن تكون قد أخذت به.
الآن – أيها الفاضل الكريم – الذي بك نُسمّيه بقلق المخاوف الوسواسي من الدرجة المتوسطة والذي نتج عنه ما نسمّيه بالاكتئاب الثانوي البسيط. هذا هو تشخيص حالتك، فقط عبّرتَ عن نفسك بصورة واضحة وجليّة جدًّا.
العلاج – أيها الفاضل الكريم -: أولاً أنا أنصحك بأن تذهب إلى الطبيب لإجراء فحوصات طبية عامة، يجب أن تتأكد من صحتك الجسدية (مستوى الدم، مستوى السكر، وظائف الكلى، الكبد، وظائف الغدة الدرقية، مستوى فيتامين د، فيتامين ب12)، هذه كلها فحوصات أساسية لتتأكد من سلامتك وصحتك الجسدية. أنا لا أتوقع لديك علة عضوية، لكن هذا هو المبدأ الصحيح، أن نبدأ بالجسد.
بعد ذلك نأتي لموضوع النفس. أولاً: التفكير الذي يُهيمنُ عليك هو تفكير سلبي، ويجب أن تطرأ على نفسك أفكارًا إيجابية، الحياة طيبة، والحياة جميلة، وكل شيء سلبي في الدنيا هنالك ما يُقابله ممَّا هو إيجابي، فلماذا يتشبّث الإنسان بالسلبيات ويترك ما هو إيجابي؟! يجب أن يكون خيارنا دائمًا هو الخيار المتفائل.
أول إيجابية يجب أن تفكر فيها هي معنى العبودية الكاملة لله تعالى، فحياتنا التي نعيشها ليست ملكاً لنا نعمل فيها ما نشاء، فالله خلقنا لهدف عظيم في الحياة وهو عبادته سبحانه، فإذا عرف المسلم حقيقة وجوده عرف المقصد الحقيقي من بقائه في الدنيا، وبعد ذلك سيعيش حياته في ضوء هذا المقصد، أما إذا لم يكن يعلم أو لا يركز على هذه النقطة فسيكون شخصا ضائعا لا يدري إلى أن يسير، وسيشعر بعبثية الحياة وأنها بلا هدف، ولن يجد لها طعما، فعليك بفهم هذا المقصد والبدء في بناء حياة حقيقية مع الله، بداية بالصلاة ثم بر الوالدين، والإحسان للآخرين، وغيرها من القيم الإسلامية العظيمة.
ثانيًا: الأسئلة التي تطرحها على نفسك هي أسئلة وسواسية، هذه يجب أن تُحقّر، ويجب أن يُغلق الباب أمامها تمامًا.
النقطة الأخرى وهي مهمة جدًّا: أن تُحسن إدارة وقتك، ونقطة الارتكاز في إحسان إدارة الوقت تبدأ بتجنب السهر والحرص على النوم الليلي المبكّر، لأن ذلك يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ، وإلى استرخاء كامل في الجسد، ويستيقظ الإنسان مبكِّرًا وهو نشط، ويُؤدّي الصلاة، وهذه طبعًا أعظم افتتاحية لليوم، ودائمًا العمل والإنتاجية في الصباح فيها خير كثير، لأن البكور فيه خير كثير للإنسان.
إذًا هذه هي النقطة الجوهرية، والنقطة الجوهرية الأخرى هي: الحرص على العمل، العمل مهمٌّ جدًّا، العمل حقيقةً يُطوّر المهارات، يزيل الكآبة والكدر، ويُشعر الإنسان بقيمته الحقيقية، وهو باب من أبواب الرزق.
النقطة التالية هي: أن تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة، رياضة المشي، رياضة الجري، يجب أن يكون هنالك التزامًا بها تمامًا.
نقطة أخرى أيضًا: الالتزام بالواجبات الاجتماعية، لا تتخلف عن واجب اجتماعي، أخي الكريم: شارك الناس في أفراحهم، اذهب إلى الدعوات، الأفراح، الأعراس، شارك الناس في أحزانهم وأتراحهم، قم بزيارة المرضى، تفقّد أصدقائك، كن بارًّا بمعارفك وأهلك وأرحامك ووالديك. وعليك أيضًا بالترفيه عن نفسك بما هو طيب وجميل، ولابد أن تكون لك قاعدة من الأصدقاء، الإنسان يحتاج لمن يُؤازره ولمن يأخذ بيده.
هذه الأشياء التي أقولها لك ليست مستحيلة، هي موجودة في واقعنا، وصحتك النفسية سوف تتطور بصورة ممتازة جدًّا إذا انتهجت هذا المنهج الإرشادي الإيجابي، سوف تحس أن القلق قد تحوّل إلى قلق إيجابي، والخوف قد قلَّ، الوسوسة قد انتهت، لأنك سوف تهتمّ بما هو أسمى وأعلى وأرقى في الفكر، وهذا قطعًا يقضي على الفكر الوسواسي، وسوف إن شاء الله تعالى يؤدي إلى انشراح كبير في صدرك.
بقي أن أصف لك أحد الأدوية الممتازة التي تُعالج القلق والخوف والتوترات وتُحسّن المزاج، الدواء يُعرف باسم (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، له عدة أسماء تجارية منها (زولفت) و(لوسترال)، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تتناول حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا – يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين – أي مائة مليجرام – لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يوم بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.