الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريقة التخلص من الاكتئاب بعد استخدام عدة أدوية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا مريض منذ سنة وأربعة أشهر تقريباً، وطوال هذه المدة ما ذقت طعم السعادة أو الراحة، حزن وصمت وقلق وخوف ووحدة واكتئاب، وصرت أكره كل شيء، وليس عندي حماس لأي شيء، وأول علاج استخدمته كان (Cipralex)، ولم أتناوله كثيراً وإنما عدة أيام فقط ولم أرتح له.

قد غيره لي الطبيب إلى (Tofranil 25 ملغ)، وكنت أتناول أربع حبات يومياً، وكان علاجاً جيداً، لكن بعد سبعة أشهر لم أجد نتيجة تذكر، وصار مثل عدمه، وتم تغييره إلى (Tryptizol 25 ملغ)، وكنت أتناول ثلاث حبات يومياً، واستخدمت هذا العلاج لمدة ثلاثة أشهر، لكنه أعدمني فلم أشعر بالراحة في الحياة ولا حتى النوم، وصار يأتيني قلق وخوف وأرق وكوابيس.

كان نومي متقطعاً، وكلما غطيت في النوم أقوم وقلبي يدق بسرعة لدرجة أني أقول سأموت الآن، فأهدئ نفسي وأقرأ آية الكرسي وأرجع لأنام، وبعد كل ما مررت به تعبت من العلاجات التي كانت دون جدوى فتركتها كلها، ومنذ 20 يوماً لم أتناول حبة واحدة ولم أذهب لطبيب، وقد ارتحت لكن عندي أعراض صارت تزيد تدريجياً.

الآن أشعر أني غير مرتاح وكأن هناك شيئاً مجهولاً يتربص بي، وقد حاولت أن أطمئن نفسي لكني لم أستطع، وأشعر أن قلبي جامد أو قاس، وصار عندي قلق مع خوف، ولدي أرق قوي ولم أستطع النوم لمدة يومين حتى صرت أهلوس بالكلام من قلة النوم، ولم أستطع النوم إلا بعد أن استمعت إلى القرآن.

قد صرت أميل إلى شد شعري بقوة وكأني أقطعه، وعندي كحة من غير سبب، وقد ذهبت إلى الطبيب وأجريت أشعة وتحاليل ولم يظهر شيء، وقد وصف الأطباء الأدوية السابقة، وكلهم قالوا أن عندي اكتئاب وقلق وخوف، وصرت أبكي في غرفتي بصمت، ولا أحد يدري عني، فما هو الطريق الصحيح؟ وهل أرجع لطبيب نفسي آخر؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أريد أن أطمئنك تماماً أن الدنيا ليست بهذه السوداوية، فالأمر أقل بكثير مما تتصور، وقد أطبق الاكتئاب عليك بعض الشيء وجعلك تفكر بهذه الصورة السلبية، والتي بها الكثير من الكدر وعدم الارتياح.

أرجو أن تتأمل وأن تفكر أن لديك أشياء جميلة في حياتك، وأنك في مقتبل العمر، وأن الكثير يمكن أن تقوم به، ويجب أن تبحث عن عمل؛ لأن العلاج بالعمل يعتبر من أفضل أنواع العلاجات التي يمكن أن نقاوم بها الاكتئاب، فالعمل يُشعر الإنسان بقيمته، ويشعر الإنسان بمساهماته الإيجابية، فأرجو أن تبحث عن عمل وتنتظم في هذا العمل، فهذا من أسس العلاج الرئيسية.

أما إدارة الوقت فهي الآن أصبحت من العلوم الضرورية جداً، خاصة أنك لا تعمل، وربما يكون عدم إدارة الوقت بالصورة الصحيحة جعلك تركز على ذاتك وتفكر التفكير الداخلي السلبي المسترسل، وهذا يؤدي إلى مزيد من الاكتئاب وعدم الارتياح، فأرجو أن تصحح هذه النقطة أيضاً.

عليك بممارسة أي نوع من الرياضة، فالرياضة جيدة وفعالة ومحسنة للصحة النفسية، خاصة النوم، وعليك أيضاً أن تتجنب النوم في أثناء النهار، وعليك أن تقلل من الشاي والقهوة ولا تتناولها مطلقاً بعد الساعة السادسة مساءً، وأنت بالطبع إن شاء الله حريص على دينك، ولابد أن تعرف أن الجانب الإيماني مهم وضروري جداً لمقاومة الاكتئاب، ونحن نقصد بالجانب الإيماني الجانب العقدي الحقيقي والجانب التطبيقي لمتطلبات العبادات والتقرب إلى الله والدعاء والتقين بالإجابة.

أما الأدوية فقد أصبح هناك الكثير من التقدم في هذا الخصوص، والإنسان قد لا يفيده دواء، ولكن ربما يفيده الدواء الآخر، ونحن نقوم بتغيير الأدوية ليس من قبيل التجربة، ولكن نعرف أن التركيبة الجينية لكل إنسان تختلف عن الإنسان الآخر، وهذه الأدوية بالطبع هي تعمل أيضاً على المسارات الجينية لدى الإنسان، ولكن الدواء حين يبدأ في استعماله لابد أن يعطى الوقت الكافي، والوقت الكافي للدواء يجب أن لا يقل عن ثمانية أسابيع - شهرين - من الاستعمال المنتظم للدواء وبالجرعة الصحيحة، فهذا مهم جداً، وبعدها إذا لم يؤد الدواء إلى فعالية نستطيع أن نقول أن هذا الدواء غير مناسب، بشرط أن تطبق آليات العلاج الأخرى، وهي التي ذكرتها لك في صدر هذه الرسالة.

أرى أن هناك دواء سوف يفيدك، وهو العقار الذي يعرف باسم (ريمانون)، (الريمانون) هو دواء جيد ومفيد، وهو دواء محسن للنوم ومزيل للقلق ومزيل للخوف -إن شاء الله- ومحسن للمزاج بصورة واضحة، وجرعته أيضاً هي جرعة بسيطة، وهي حبة واحدة ليلاً، وقوة الحبة هي ثلاثين مليجرام، والشيء الوحيد الذي يعاب على هذا الدواء أنه ربما يكون مكلفاً بعض الشيء، علماً أن سعره هو مقارب لسعر (السبراليكس)، أسأل الله تعالى أن ييسر لك الحصول عليه.

يجب أن تستمر عليه لمدة تسعة أشهر على الأقل، وسوف يبدأ التحسن بعد ستة أسابيع من بداية العلاج، أعني التحسن الحقيقي فيما يخص المزاج، وإذا لم تتمكن من الحصول على (الريمانون)، فسيكون الدواء البديل هو العقار الذي يعرف باسم (ترازدون Trazadone)، والجرعة هي 50 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم يمكن أن ترفع إلى 100 مليجرام ليلاً وتستمر عليه لمدة ستة أشهر، ثم تخفضها إلى 50 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناولها، وهذا الدواء أيضاً متميز وفعال، ولكن الدواء الأفضل سيكون هو (الريمانون) في حالتك.

أرجو أن تبعث في نفسك آمالاً جديدة، وأن تفوض أمرك إلى الله، وأنت إن شاء الله في حرز الله وحفظه، وعليك أن تستفيد من طاقاتك النفسية الكامنة الداخلية لمزيد من التحسن، وعليك أن تتواصل مع الإخوة والأصدقاء والأرحام، فهذا إن شاء الله فيه خير كثير، ولابد أن تبحث عن عمل، وأسأل الله تعالى أن ييسر لك الحصول على أي عمل لأن العلاج بالعمل يعتبر من الشروط الضرورية لتحسين الصحة النفسية.

بالله التوفيق.يمكنك الاطلاع على علاج الاكتئاب سلوكياً من خلال هذه الاستشارات (275569 - 276359 - 110731).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً