الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تطلقت من زوجي الذي أحببته بصدق، فما فائدة الحب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت متزوجة وطلقت، ومنذ فترة طويلة أشعر أنني نادمة؛ لأني كنت أحب الشخص الذي كنت متزوجة به، ونادمة على أني تزوجت به من الأساس، وعلى كل شيء عشته معه، وأرى أن حبي له ليس شيئًا جميلًا في نظري نهائيًا، لذلك أنا نادمة عليه، ولم أعد أحبه طبعًا، وأحيانًا تأتيني أفكار أن هذا كله من الشيطان فهو الذي كرهني في هذا، وجعلني أنظر لهذه الأمور التي ذكرت بطريقة سلبية.

سؤالي: هل ما حصل لي بالفعل من الشيطان أم لا علاقة له بالشيطان، وإنما لأسباب أخرى طبيعية هي التي جعلتني أكره أني أحببت هذا الشخص وندمت أيضًا على الزواج منه؟

أريد أن أعرف الحقيقة -جزاكم الله خيرًا- إن كنتم تعلمونها، وأيضًا أقول: ما الفائدة من حب شخص إذا كان سيأتي يوم ويذهب فيه هذا الحب، ويأتي بعده الندم، ثم الطلاق؟ ما الفائدة من هذا كله؟!

كنت أقول في نفسي: كان يلزمني أن أحسن الاختيار، لكيلا يحدث لي هذا، لكن رغم هذا كله فأنا متيقنة ومؤمنة بأن هذا قدر من الله، ومتقبلة لقدر الله كيفما كان، وحامدة لله على القدر بخيره وشره، لكن أريد أن أعرف ما المغزى من هذا؟ أرغب بشدة في معرفة جواب هذا السؤال.

وعندي سؤال آخر: هل الحب في هذه الحالة له قيمة؟ أي الحب الذي يندم عليه فيما بعد ولم يستمر ويزول، وفي الوقت الذي كانت معه الكثير من الأمور السلبية، كالخيانة، والعديد من الأشياء التي تتناقض كليًا مع الحب! لماذا يلتقي الحب أحيانًا مع الخيانة والإهمال مثلًا، والإهانة، والجرح في المشاعر إلى آخره من الأمور التي أسمع عنها في الكثير من العلاقات، ما الفائدة من هذا النوع من الحب؟

أقول في نفسي: من منا يرغب في مثل هذا الحب؟ ولماذا هذا النوع من الحب موجود؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وداد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكرك على التواصل والاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يعوضك خيرًا، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

نحب أن نؤكد لك ولبناتنا ولأبنائنا أن الطلاق ليس نهاية المطاف، وأن الإنسان قد يفشل في حياة أخرى، ليستأنف حياة جديدة يستفيد منها فوائد عظيمة، ويستفيد من أخطائه، ويتعلم من تجربته، والمؤمنة لا تلدغ من الجحر الواحد مرتين، ولولا العطش لما عرف الناس قيمة الري، ولولا الجوع لما عرف الناس قيمة الطعام، فكثير من النعم نعرفها عندما نذوق أضدادها المؤلمة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على استئناف حياة جديدة ناجحة، قال ربنا العظيم: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا".

نحب أن نبشرك أن كثيراً ممن حصل بينهم طلاق، استأنفوا حياتهم، سواء مع بعضهم، أو حياة جديدة ناجحة، وهذا الذي نريد أن تفكري فيه، واستقبلي حياتك وهذا الذي حصل بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد -سبحانه وتعالى-، وصدقت فإن كل هذه الأمور قضاء الله وقدره، ولكن نبشرك بأن كل الذي يقدره الله هو الخير، الإنسان أحيانًا يمر بتجربة تنتهي بطريقة الطلاق، وهو يعتقد أنها فاشلة، لكن هو لا يعلم أن في ذلك خيراً كثيراً؛ لأن الإنسان قد يحب شيئًا كما قال ربنا وهو شر له، وقد يكره شيئًا وهو خير له، وقد قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار)، يعني في الذي يقدره الله، فنسأل الله أن يجعلنا جميعًا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.

ونحب أن نؤكد أن الإنسان في هذه الحياة يبتلى، والابتلاء هذا اختبار وامتحان، والقرآن لا يركز على كلمة الحب، إنما يسميها مودة ورحمة، والإنسان أيضًا ينبغي أن يحسن الاختيار، والتجربة التي مرت هي خير معين لك على حسن الاختيار، وعلى بناء حياة جديدة على أسس صحيحة.

واعلمي أن الطلاق من شريعة الله، ومن المهم أن يكون بالطريقة الصحيحة وفي التوقيت الصحيح، والفتاة بعد الطلاق -وكذلك الرجل- بحاجة إلى أن يهتموا بأنفسهم، يراجعوا علاقتهم مع ربهم -تبارك وتعالى-؛ لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، علينا أن نستقبل أقدار الله بالرضا التام، ثم على الفتاة أن تبحث عن ميادين أخرى، كأن تقبل على كتاب الله، وتشغل نفسها بكل نافع ومفيد، وتجتهد في تطوير مهاراتها ومعارفها، وتحاول أيضًا أن تبحث عن صديقات صالحات وبيئة صالحة فيها من تذكرها بالله إذا نسيت، وتعين على طاعة الله إن ذكرت.

عمومًا أبواب الخير مفتوحة، والإنسان ينبغي أن يؤمل الخير، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً