الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي لم تتجاوز أخطائي السابقة رغم توبتي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحب زوجتي وهي تحبني، وعلاقتنا مثالية منذ 10 سنوات، نراعي بعضنا، ونتقي الله في أسرتنا وأولادنا، في السنة الماضية تقربت من إحدى الفتيات في العمل، تحدثت معها في أمورها الشخصية، وأعجبت بي؛ بسبب أسلوبي اللطيف معها، ولأني أحل مشاكلها، وبعد صدها وجدت أني محاط بمشاكلها وكلامها وعبارات الإعجاب، ومع التواصل المستمر في العمل وعبر الهاتف، أخذت الكثير من وقتي، ولأني متعلق بالعمل، كنت أرسل لها عبارات الاهتمام والثناء، وبعض مقاطع الفيديو المضحكة.

تركت تلك العلاقة أكثر من مرة، وأنا ملتزم بالصلاة، واعتمرت مع زوجتي خلال تلك الفترة، وعندما رجعت قلت محادثاتي مع الفتاة، وبعد معرفة زوجتي ومواجهتي، صارحتها بما أتذكر، ولكنها لم تسامحني، وتجاوبت معي بعد عدة مشاكل، وبعد العتاب تصالحنا وتغيرت حياتنا إلى الأفضل، وأفضل مما كانت عليه، رغم أننا لم نقصر مع بعضنا من قبل.

من جانبي أنا تركت تلك العلاقة وأقفلت موضوع الفتاة وغيرها، وحاليًا مهتم بزوجتي وأولادي، وتعافيت تمامًا من وهم الدخول في أي علاقة، أو السيطرة على العلاقات المحرمة لظروف عمل معينة، أو الفضفضة بمشكلة ما لإحدى الزميلات، وأدعم زوجتي بكل الطرق، ونتحدث معًا، وأحاول إشغال نفسي وزوجتي بما ينفعنا، ولا أكاد أتذكر أي علاقة ذميمة أو حميدة إلا وأضعها نصب عيني.

أما زوجتي فهي الآن تعود إلى نفس المشكلة وتتذكرها، وتشتكي دائمًا، ويصعب عليها ما مرت به معي، وتعيش في ماضي تلك المراسلات، وتفتش عن غيرها، والشك يلازمها دائمًا، وتخشى من خيانتي بالحديث أو التعرف إلى أخرى، وهي دائمًا حزينة وتفكر بشكل سلبي، وأنا أقوم بالمستحيل لنيل رضاها، والله يعلم أنها كانت علاقة عابرة، مجرد فضفضة وإعجاب، وتحررت منها، ولا أنوي الرجوع لمثلها؛ لما وجدت من خطورة ذلك على مشاعر زوجتي، فما نصيحتكم لي ولها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الفاضل الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يعينك على طاعته، وأن يتوب عليك لتتوب، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن هذا الذي حدث كان خطأ، ومخالف للشرع، والحمد لله أنك قد تخلصت مما حصل، وعليه أرجو أن تظهر مزيدًا من الوفاء لزوجتك، والاهتمام بأولادك وأسرتك، وقبل ذلك طاعة ربك، ومراجعة مثل هذه المواقف، فإذا ذكرك الشيطان بما كان، فجدد التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى.

واعلم أن الثقة التي بينك وبين الزوجة لا يمكن أن تعود إلا بممارسات صحيحة، وبالاهتمام بها، وطاعة الله قبل ذلك والتوجه إليه، فإن قلب الزوجة وقلوب الناس جميعًا بين أصابع الرحمن، يقلبها ويصرفها؛ فتوجه إلى مصرف القلوب، واسأله أن يعصمك من الزلل، وأن يبعد عنك كل معصية وفحش، واسأله تبارك وتعالى أن يجعل زوجتك تتفهم هذا التغيير الإيجابي الذي حدث.

ولذلك أرجو أن تتفادى كل ما يمكن أن يذكركما بتلك الأيام، وبذلك الماضي، الذي أحزن هذه الزوجة، واجتهد دائمًا في أن تكون مراقبًا لله الذي يعلم السر وأخفى، واعلم أن الإنسان هو الذي يحدد علاقته بالآخرين والأخريات، وحتى في إطار العمل؛ ينبغي أن تكون المسألة مضبوطة بضوابط الشرع الذي شرفنا الله به.

وما يحصل من الزوجة من تذكر للمآسي، وما حصل في الماضي أمر طبيعي، والعلاج له يكون بالتقرب منها، والثقة، والحضور الفاعل، والتعامل بصراحة ووضوح، وقبل ذلك كما قلنا أن تصلح العلاقة بينك وبين الله، لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الآخرين، بما فيهم الزوجة وغير الزوجة، فاجعل علاقتك بالله تقوم على هذا الدين العظيم، واعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه سبحانه وتعالى يراك.

وعليك أن تعلم أن المرأة لا تنسى مثل هذه المواقف بسهولة، ولذلك أرجو أن تتحمل هذه الصدمات التي تحصل، وهذا التراجع الذي يحصل، وأرجو أن تجد منك الدعم المعنوي، والتشجيع، والثناء على إيجابياتها.

ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً