الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أوفق بين الوظيفة وبين حقوق زوجي وبر والديّ؟

السؤال

أنا امرأة متزوجة، وأعمل خارج البيت لأعيل والديَّ، وزوجي ميسور الحال، وقادر على الإنفاق على البيت، ويطلب مني ترك العمل؛ لأنه قادر على أداء واجباته المادية.

ليس هناك من يعيل والديَّ، لدي أربع أخوات متزوجات، لا يعملن، ولا يساعدن في النفقة، وأفكر في ترك عملي لما فيه من تجاوزات يرفضها زوجي، مثل الخروج مع سائق العمل وحدي.

علماً بأني ألتزم بالحجاب، وأتعامل بحدود في العمل، فهل أستمر في العمل لأعيل أهلي أم أترك العمل، وأرضي زوجي؟ علماً بأنني إذا جلست فلا يمكن لزوجي تحمل تكاليف أهلي.

هل يجب علي تحمل نفقات أهلي وحدي، وأخواتي لا ينفقن بحجة أنهن لا يعملن؟ علماً بأنني أتحمل أكثر من طاقتي، لأوفر ما يحتاجه والداي.

هذه المشاكل جعلتني أكره اللقاءات العائلية، حتى لقاء والديّ لأنني أحس أنني أتحمل أكثر من طاقتي، وأخواتي مرتاحات ويأخذن رضا والديَّ بدون أي جهد.

أخشى أن أكون آثمة في حق زوجي، وحق والديَّ، لكنني لا أستطيع أن أسيطر على هذه المشاعر، وأطلب من الله مراراً أن يغفر لي، فماذا أفعل؟ من فضلكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة وهذا الهم لأجل الوالدين والمجهود الذي يُبذل من أجل إسعادهم، ونبشّرك بأن هذا سيكون خيرًا لك ولزوجك ولأبنائك، فهنيئًا لك بهذا البر، ونسأل الله أن يُسهّل أمرك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

نشكر الزوج أيضًا، وأرجو أن تشكريه على ما صبره في الفترة الماضية على عملك، واطلبي منه أيضًا المزيد من التحمُّل لأجل هذا الظرف، فإن رضي بذلك فالأجر له ولكِ، مع ضرورة أن تتفادي الأمور التي تُثير إزعاجه، يعني كل الأمور التي تُسبب إزعاجه ورفضه الاستمرار في العمل، حبذا لو وجدت لها حلولًا، وتَفكّري معه، واشكري له هذا الذي يقوم به من صبره على عملك، مع أن الأموال تذهب إلى رعاية والديك، ونشكر لك هذا البر، ونبشره ونبشرك بأن الصبر على مثل هذه الأحوال فيه ثواب عظيم جدًّا لكل الأطراف، وزوجك شريك في الأجر، وستجدون ثمار ذلك برًّا في أبنائكم والبنات.

لكن إذا كان ليس هناك سبيل لتفادي المخالفات، وأيضًا الزوج لم يرضَ؛ فإن الصواب أن يُقدَّم حق الزوج، وعلى الآخرين أن يتحمّلوا القيام بواجباتهم تجاه والديهم، ونتمنّى أيضًا أن يكون للزوج قدرة على أن يُساعدك لتبذلي ما تستطيعينه، ولو من مال زوجك -بعلمه طبعًا- في خدمة الوالدين، نسأل الله أن يرزقك برّهم.

إذًا: الأمر ينبغي أن يُدار بمنتهى الهدوء مع الزوج، وأرجو أن تبدئي بشكره والثناء على صبره والثناء على مواقفه الإيجابية، وتعديه أيضًا بتفادي الأمور التي تُزعجه، وكذلك أيضًا إذا كنت محجّبة فازدادي في حجابك وتسترك، والأمور التي تُزعجه ينبغي تفاديها كاملة؛ لأن هذا سيُعينه على تحمُّل هذا الظرف الذي نرجو أن يكون مؤقتًا؛ لأن الآخرين والأخريات من إخوانك وأخواتك ينبغي أن يكون لهم دور، ينبغي أن يكونوا شركاء في الاهتمام بآبائهم وأمهاتهم، وأنت لست مطالبة بأن تتحملي الدور وحدك؛ لأنك مأجورة على ما تقومين به من العمل.

أعتقد أن التفاهم مع هذا الزوج، بعد شُكره والثناء عليه، ومحاولة تصحيح ظروف العمل، هذه من الأمور التي -إن شاء الله تعالى- سيكون فيها الخير.

ولكن إذا تعارض ذلك ورفض الزوج فطاعة الزوج مقدّمة، ورزق والديك يتكفّل به الرزّاق -سبحانه وتعالى-، فإنه (ما من دآبة في الأرض إلَّا على رزقها)، ونذكّر بضرورة أن تتواصلي مع أخواتك وإنْ قصرْنَ، فصلة الرحم شأنها عظيم، ونسأل الله أن يُعينك على النصح لهم، وأن يُعينهم على القيام بواجباتهم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والألفة، ونسأل الله أن يغفر الذنوب، وأن يُؤلّف بين القلوب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً