السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهتم بآراء الناس وكلامهم عني، وهذا يتعبني جدًا، أريد الحل والنصيحة.
شكرًا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهتم بآراء الناس وكلامهم عني، وهذا يتعبني جدًا، أريد الحل والنصيحة.
شكرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
أخي الفاضل: بداية لا بد أن تعرف الأسباب التي أوصلتك لهذا الوضع، وبعدها سيسهل العلاج -بإذن الله تعالى-.
اعلم -وفقك الله- أن الاهتمام بكلام الناس وآرائهم عنك له حد طبيعي، إذا تجاوزه أصبح دليلًا على أعراض الشخصية الحساسة، والتي تتسبب في الكثير من النتائج السلبية على الشخص، فالشخصية الحساسة تتسم كثيرًا بطلب المثالية والكمال والتدقيق على التفاصيل؛ وينتج عن هذا السعي الدائم للظهور دون نقص أو عيب مهما كان بسيطًا، وهذا الشعور يدفعك للتركيز على ما يقوله الآخرون عنك، ويصبح تتبع آرائهم وما يُقال عنك بأهمية وتأثير كبير بالنسبة لك، لأن الشخصية الحساسة تكتسب ثقتها بذاتها مما يقوله الناس إيجابًا كان أو سلبًا، وهذا هو سبب اهتمامك الكبير بكلام الناس من حولك، وتأثيره عليك.
من النتائج السلبية للشخصية الحساسة: التعرض للعديد من الاضطرابات الشخصية، من أبرزها الخجل الاجتماعي، وعدم الثقة بالنفس، وكل هذا يُضعف الإنتاجية للشخص، ويُضعف عملية الإبداع والتغيير، لأن عامل الخوف والخجل وتتبع المثالية تمنع صاحب هذه الشخصية من التجربة، والتعلم من الأخطاء، واكتساب المهارات جديدة، وهذا بدوره يزيد من خجله الاجتماعي، وخوفه من مواجهة المجتمع، وقد يدفعه ذلك للدخول في حالة من الاكتئاب والقلق وحب العزلة.
لذلك ننصحك بمجموعة من النصائح -نسأل الله أن يوفقك للعمل بها لتجاوز ما تجد-:
أولًا: لا بد أن تعزز جوانب الثقة بالنفس، من خلال العلم والمعرفة بذاتك وشخصيتك وأهدافك وقيمك التي تؤمن بها، كذلك من خلال اكتساب وتعلم المهارات التي تجعلك متميزًا في مجالات مختلفة، فالثقة بالنفس تجعلك تعرف ذاتك بشكل واضح وصريح، وبالتالي لا تهتم بما يقال عنك، لأنك تعرف نفسك أكثر من الآخرين.
ثانيًا: حدد أهدافك بعناية، واجتهد في إحاطة نفسك بالاهتمامات والأنشطة التي توصلك لتحقيق هذه الأهداف، ذلك يساعدك على عدم الاهتمام بما يقول الناس عنك، لأنك مشغول بما يصلحك، ويبني شخصيتك وحياتك، ويرتقي بعقلك وروحك.
ثالثًا: حدد طبيعة من يُهِمك كلامه، فهناك أصناف من الناس نحتاج لآرائهم ونصائحهم وتوجيهاتهم لنتعلم منها، ويتصف هؤلاء بالخبرة والتجربة والمصداقية والأمانة، أما ما عدا ذلك فكلامهم ونقدهم يهدم، فلا تستمع إليهم ولا تهتم بهم.
رابعًا: تعامل مع النقد والآراء والمدح والذم على أنها مجرد نظرات متفاوتة لطبائع واختلاف عقول الناس، أما حقيقة ذاتك وأهدافك ومقاصدك فأنت أعرف الناس بها، فلا يغرك مدح ليس فيك، ولا يحطمك نقد أنت تثق أنك بخلافه.
خامسًا: تذكر أن الكمال عزيز ولا أحد يسلم من النقص أو العيب، لذلك من المهم أن تتعامل مع النقص على أنه مجرد وسيلة للاقتراب من الكمال، أما مطلق الكمال فعزيز المنال ولا يدركه أحد، وبهذا سَتَقبل الآخرين بما فيهم من نقص، لإيمانك بأن الكمال متعذر، وينعكس هذا على عطائك، كذلك فلن تتوقف عن العطاء لمجرد وجود شيء من النقص، بعد بذل المستطاع واستنفاد وسائل الإتقان المتوفرة.
سادسًا: اجتهد في محاربة التفكير السلبي عبر استدعاء الجوانب الإيجابية والمتوازنة في أي موقف، فعند اهتمامك بكلام الناس مثلًا استدعِ إلى تفكيرك أن الناس لهم مشاغلهم واهتماماتهم، والتي تشغلهم عن التفكير فيك وبما تفعل، فالناس لا تدور حولك وحول ما تفعل، ولا ينتظرون منك أي فعل حتى يتحدثوا عنه وعنك، التعامل مع الآخرين بهذا المنطق يجعلك تهتم أكثر ببناء ذاتك، ولا تنشغل بالآخرين وما يقولون.
أخيرًا أخي الفاضل: لا تتوقع أن تتخلص من هذه المشاعر بين ليلة وضحاها، ولكن الأمر يحتاج منك لتدريب وممارسة وتدرج، ويحتاج لاجتهاد لتغيير هذه العادات التي لازمتك لفترات طويلة.
ولا تنس -أخي العزيز- فضل الدعاء والارتباط بالله تعالى والاستقامة على أمره، والإكثار من التقرب إليه بالطاعات، فهي من أعظم ما يقوِّم السلوك والشخصية، فهذا الارتباط مهم جدًا لتعزيز السلام الداخلي وبناء الذات، وإزالة المخاوف من المستقبل، وشغل القلب بالله والاستغناء عن الآخرين.
اسأل الله لك التوفيق والسداد.