الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قريبي عاق لوالديه فكيف أرشده لبرهم وطاعتهم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحد أقاربي عاق لوالديه، وهو مطرود من المنزل، وليس له مكان يلجأ له إلا عندي، نصحته أن يكف عن ذلك، لكنه يزداد تماديًا كلما نصحته، أخشى أن أكون باستضافتي له مشارك له بسوء عمله.

هذا الرجل يقذف زوجة أخيه بأبشع العبارات، ولا يرتدع مهما فعلنا معه، أريد نصيحتكم، ما هو التصرف الصحيح الذي يجب القيام به مع هذا الرجل؟

وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك الحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعين هذا الرجل على برّ والديه والإحسان لهم، حتى تعود الأمور إلى وضعها الصحيح.

وعقوق الوالدين أمره عظيم جدًّا، كما أن قذف النساء وقذف الرجال من الأمور العظيمة، ومن كبائر الذنوب والعياذ بالله، ولكنَّنا مع ذلك ندعوك إلى الاستمرار في إيوائه، مع الاستمرار في النُّصح له، والاجتهاد في تصحيح ما عنده من مفاهيم، ونتمنَّى أن يستجيب لنصائحكم.

وأرجو أيضًا أن تنظر لحالتك بعمق، فإن كان الطرف الآخر أيضًا يحتاج إلى شيء من النُّصح فأرجو أن يكون همُّك الإصلاح، بأن تصل لوالديه وتعرف منهم ما الذي يطلبوه منه، وما الذي يستطيع أن يفعله، وما الذي لا يستطيع أن يفعله، ثم بعد ذلك ترجع إليه وتتحاور معه، وتطلب منه أن يُصلح من حاله.

ولا نُؤيّد فكرة إخراجه من عندك لأن البديل قد يكون أسوأ، فقد يتعرَّض لمخاطر، أو ينحرف، يُصاب بانحرافات وكبائر أخرى إذا ابتعد مِنك، لكن تقدير هذا الأمر متروك لك، ونحن نفضّل إبقاءه مع النُّصح له ولهم، حتى تعود الأمور إلى وضعها الصحيح.

فجُرمُه وتقصيره في حق والديه لا يُبيح لنا أن نُقصِّر في حقه، ذاك جُرمٌ يُحاسبه الله عليه، وهذه حسنات يُجازينا الله تبارك وتعالى عليها.

فاستمر في ما أنت عليه ما دمت تستطيع النُّصح للطرفين، وما دمت تستطيع أن تُكرر المحاولات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على النجاح، فإن الإصلاح أمره عظيم، وعودة هذا الشاب إلى برّ والديه والنُّصح له حتى يعود بارًّا بوالديه تُعتبر من الأمور العظيمة، وثوابها عند الله تبارك وتعالى عظيم.

ونتمنَّى أيضًا أن تشجعه ليتواصل مع الموقع ليكتب ما عنده، حتى يسمع النصيحة من طرف خارجي ومن خبراء مختصين، فإن بعض الناس تُؤثّر فيهم مثل هذه النصائح من المختصين، وأيضًا يستطيع أن يكتب لنا ما في نفسه، وقد يستطيع أن يقول كل الأشياء التي عنده، ويُطالب بأن تكون الاستشارة محجوبة، حتى نستطيع أن نُناقشه ونُبيِّن له الخطوات الصحيحة التي ينبغي أن يسير عليها.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يجعلنا وإيَّاك ممَّن يفوز بأجر إصلاح ذات البيت، {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:114]9.

نسأل الله أن يُعيننا على الخير دائمًا، ونكرر لك الشكر على الاهتمام والسؤال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً