الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجد في نفسي مللًا من المذاكرة والحفظ، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة جامعية، وقد أعدت السنة للأسف لتعويض التقصير الذي بدر مني في السنة الفائتة، وقد بدأت هذه السنة بجدٍ، وواظبت على حضور جميع المحاضرات، كما أن القرآن يعتبر مادة من المواد المقررة، وقد بدأت بحفظ القرآن، ولكن للأسف بدون مراجعة؛ مما أدى لنسياني لكل ما حفظته، وأنا نادمة على ذلك.

حاليًا أجد كرهًا في نفسي للمذاكرة والحفظ؛ فكلما أردت المذاكرة شعرت بنعاسٍ شديدٍ، ورغبة في النوم، وأخاف أن يتكرر معي الذي حصل في السنة السابقة، ولم يتبق سوى 4 أيامٍ على الامتحان.

كما أنني سأختبر في 15 جزءًا من القرآن، ولم أراجع سوى النصف، فهل يكفي أن أدخل الاختبار بهذا المقدار فقط؟ وهل سيساوي الله بيني وبين من اجتهد وحفظ؟ وهل حضور المحاضرات يعد اجتهادًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

ما حصل معك من تدهور في الحفظ هو بسبب عدم التركيز في الحفظ، وعدم التركيز أو تشتت الذهن قد يكون له أسباب نفسية؛ فوجود مشكلة ما تشغل ذهنك، وتجعلك تعيشين في هم التفكير فيها، وفي كيفية حلها؛ من شأن هذا الأمر أن يشتت ذهنك، ويضعف تركيزك، وبالتالي تضعف قدرتك على حفظ القرآن الكريم، أو استذكار المواد الأخرى.

أول خطوة هي معرفة ما يشغل بالك وتفكيرك، وبناءً عليه اتخاذ الخطوات اللازمة لحل هذه المشكلة -إن كان بالإمكان حلها-، أو التكيف معها إن لم يكن بالإمكان حلها، وحتى يسهل عليك استحضار هذه الهموم، يمكنك إحضار ورقة بيضاء، ورسم دائرة كبيرة فيها، وفي وسط الدائرة نقطة تنطلق منها خطوط إلى محيط الدائرة، يمكنك أن تتخيلي أن هذه الدائرة (فطيرة بيتزا)، وأنت تقومين بتقسيمها إلى عدد من الأجزاء على شكل مثلثات، بعضها كبير، وبعضها صغير، حسب الأمر الذي يشغل بالك، ونسبة أهميته بالنسبة إليك.

بعد الاطلاع على ما يهمك، ويشغل بالك، عليك البحث عن حلول، وإلا فيمكنك التكيف والتعايش مع هذه الهموم، واعتبارها واقعًا لا مفر منه، ويلزمك حينئذ الصبر، وانتظار الفرج من الله تعالى؛ فعَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: (عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ) رواه مسلم، فهذا نوع من التكيف مع الأحداث والهموم اليومية، يتكيف معها المسلم، ويتعايش معها بسلام نفسي.

أما موضوع امتحانك لحفظ القرآن، فجوابنا هذا سيصلك بعد أداء الامتحان، والذي نرجو أن تكوني قد حققت فيه نتيجةً طيبةً، حتى وإن أخفقت هذه المرة أيضًا فليس هذا آخر المطاف، وبإمكانك البدء من جديد، والحفظ مرةً أخرى بعد التصالح مع نفسك، وتهدئة قلقك، والسيطرة على التشتت الفكري بسبب همومك.

أما سؤالك: هل ربنا سيساوي بيني وبين الذي حفظ؟ فنقول: لا شك أن من اجتهد ليس كمن لم يجتهد، لكن قد يكون الشخص معذورًا بسبب عدم اجتهاده؛ بسبب انشغال ذهنه، أو بسبب هموم أصابته، وقد علمنا النبي ﷺ دعاءً نقوله لإزالة الهموم، ونحافظ على الدعاء به باستمرار، وهو: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ)، لذلك لا داعي لمقارنة نفسك بمن حفظ؛ فلكل شخص ظروفه الموضوعية، وعليك بالتركيز على كيفية علاج مشكلتك، وسيجعل الله لك فرجًا ومخرجًا.

أما سؤالك عن حضورك للمحاضرات هل يعتبر اجتهادًا؟ والجواب: نعم. هو اجتهاد، ونرجو أن تكوني مأجورةً عليه.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً