السؤال
السلام عليكم.
لما بلغت الثانية عشر من العمر واُصبت بنوبة كآبة حادة لا مسبّب ولا مبرر لها، اِنتابني ضيقٌ وحزن وهلع شديد من دون سابقِ إنذار، فحُرمت النوم، والأكل، والتبسُّم حتى بقيتُ على هذا الحال ما يقارب العشرين يوما، ثم اِضمحل هذا الضيق العُجاب لوحده دون أدنى سعي للتخلص منه، ولكني لم أعد كما كنت مطلقاً.
بدأت العزلة وحبُّ التفرُّد يطوقانني فبعدما كنت اجتماعية تسرُّني التجمّعات والدردشات، غدوتُ انطوائية صامتة، لا أجد راحتي إلا في الأمكنة الخاوية الهادئة، كنتُ على قدر من الجمال فباشر هو بدوره بالتلاشي بعد تلكمُ المصيبة، وبدأ الخجل والضعف يتسربانِ إلى شخصيتي، حتى صرت أعجز عن اِستقبالِ كل ضيف قدم إلينا، وآثرُ التخفيَ على مقابلته وتبادلِ الحديث معه.
ولما أتممت عامي الخامس عشر تفاقم دائي هذا بشكلٍ رهيب، حتى شعرتُ لوهلة أنني كُلفت ما لا أطيق، فإضافة إلى الخجل الذي أضناني أتاني ما يعرَف بالرهاب الاِجتماعيِّ وآل إلى أقصى درجاته في غضون شهور قلائل، وتغيرت ملامحي بدورها وساءت أكثر من ذي قبل، واُصبت كذلك بالوساوس القهرية، وخصوصا بتلك التي تمسّ العقيدة، والرعب الذي كان يختلجني كلما خرجت من المنزل لم أطقهُ، لم أستطع مواجهته كما طلب مني جلُّ الأطباء الذين زرتهم، كنت أضطر إلى الاستفراغ كلما تحتّم عليّ الخروج من المنزل لقضاء حوائجي من كُثْر التفكير والخوف، فقدت شهيّتي فاِزدادت حالتي سوءًا، وضعفت بنيتي، وفقدت اِمتيازي الدراسيّ.