الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج ووالداي لا يساعداني على تحقيق ذلك

السؤال

السلام عليكم

هل يجوز لي ألا أتكلم مع أهلي من دون أن أمتنع عن مساعدتهم، وأتجاهلهم، بما فيهم والداي؟ تعبيراً على عدم رضاي عنهم، لأنهم حرموني من الزواج، وهو واجب في حقي!

منذ ست سنين وأنا أحاول فيهم بين المرة والأخرى، وذرفت دموعي أمامهم أكثر من مرة، بسبب إلحاحي وطلبي، حتى سكت لعدم وجود الفائدة.

لدينا بيت ملك، وعندنا شقة كاملة جاهزة بالأثاث، وقد قال والدي: إنها لك إذا توظفت وتزوجت.

نحن في بلد لا يموت فيه أحد من الجوع، وأستطيع أن أعمل، رغم أن شهادتي بتقدير ممتاز، وسيأتي الرزق، ولكن لا أستطيع أن أحتمل حالتي، فأنا راغب في الزواج بشكل لا يتصور، ولا أحتمل حالتي، فوضعي حالياً كمن نصف جسمه في مستنقع من طين، ولا يستطيع أن يتحرر.

لدنيا شقة جاهزة، ووعدتهم أن أعمل أي عمل مؤقت، حتى تأتيني وظيفة رسمية، وقلت بأني أقدر أن أدبر المهر 40 ألف ريال، ورفضوا.

أنا مقهور، عسروا أمور زواجي، وذنبي في رقبتهم إذا أخطأت أي خطأ، فأنا لا ينقصني شيء، حتى حفل الزواج مكفول، فلدينا زواج جماعي لقبيلتنا، مجاني، لا أدفع إلا ربما 800 ريال، فلماذا التعقيد؟

أنا أبكي دائماً، ولا أستطيع أن أنتج وأتعلم وأطلب العلم وأرتاح نفسياً في هذه الوضعية، حتى صرت أخاف إذا تزوجت، بسبب أهلي فهم يقولون: مسؤولية وأنا أرى بأني أقدر عليها، فالله لا يسامحهم، أنا ساخط عليهم، ولن أكلمهم أو أجلس معهم إلا في أمر مهم، أو بأمر من أمي أو أبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا يحل لك ترك التحدث مع أهلك، وخاصة الوالدين، فهما سبب وجودك في هذه الدنيا، وما عسى أن تجدي مساعدتك لهم مادياً، وهما يشعران أنك غاضب؟! فأين التودد لهم وخفض الجناح، ليس ذلك من الرحمة بهما ولا المصاحبة بالمعروف.

قال تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) وقال: (وصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ) فوالداك أكثر الناس حرصاً على سعادتك شعرت بذلك أم لم تشعر، ومن أحرص الناس على مصلحتك.

أما امتناعهم عن مساعدتك في الزواج فقد يكون لهما سبب وجيه جداً، غير أنهما لم يبوحا لك بذلك، فحذار من أن تحمل كل هذا الحقد على أهلك، فعسى أن يكون في ذلك الابتلاء خير لك، وكن على يقين أن هذا أمر مقدر عليك من قبل أن يخلقك الله، فكل أمورك وأمور الناس والكون سائرة وفق قضاء الله وقدره، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء).

الرضا بما قدره الله جزء من الإيمان، والتسخط يجلب لك الضيق والسخط من الله عليك، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) فعليك أن ترضى بقضاء الله وقدره، وحذار من التسخط وإلا فالجزاء من جنس العمل.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، فهي جالبة للخير والرزق، يقول تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).

أكثر من صيام النوافل، فالصوم يخفف من حدة الشهوة، كما جاء في الحديث: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، وذلك حتى يهيء الله أمورك ويقدرك على الزواج، واستعن بالله ولا تعجز، واطلب منه العون واعتمد عليه ثم على نفسك، ولا تركن إلى أحد من الخلق وأكثر من الدعاء لوالديك، واطلب رضاهما والدعاء منهما، ولن يذهب برك بهما سدى، وأسأل الله تعالى أن يعينك ويوفقك ويسعدك إنه سميع مجيب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً