السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: لا بد لي من أن أشكركم على جهودكم الجبارة في هذا الموقع الطيب الذي فيه من الفائدة للمسلمين ما الله به عليم.
أما مشكلتي فأطرحها لكم راجيا من الله العلي العظيم أن تحل في هذه الاستشارة بالتحديد، وأن تكون -أيها الطبيب- من أدعو له بقية حياتي، فقد طال زمنها، وما بعد العسر إلا اليسران.
مشكلتي هي: رهاب اجتماعي كان معي منذ سن 14، بعد حادثة سخرية من شباب في سن الجامعة -حسبي الله ونعم الوكيل فيهم- قد ألغوا كل ما هو جميل في نفسي على امتداد خمس سنين، وعمري الآن 19، وقد كنت شابا ذكيا سعيدا يطمح أن يكون مذهلا في هذه الدنيا قدوته عمر -رضي الله عنه- لكني الآن أجد نفسي شابا عاطلا فشل في أول سنة جامعية، ويناديني من حولي (بالشايب).
سأفصل المرض على مدى خمس سنين:
أول سنتين: ارتجاف شديد عندما أقابل الناس خاصة في الطابور الصباحي، أو حتى عندما أصلي في المسجد؛ مما أثر بشكل مباشر على علاقتي مع ربي.
السنة الثالثة: توقف الارتجاف فجأة وأصبح فقط في بعض المواقف مثل الخروج أمام السبورة، لكن شخصيتي قد تأثرت تأثرا شديدا، والتوتر كان موجودا.
السنة الرابعة: بعد أن أخذت المتنفس في السنة الفائتة أتتني مصيبة أخرى وهي فرط التعرق الناتجة عن التوتر، مع أني لم أكن أعرق ولو قطرة (هذا الموضوع سبب لي إحراجا لا يختلف عن الذي قبله) وأبعدني عن صلاة الجماعة أيضا وما زال يبعدني. وتخرجت من هذه السنة بنسبة 93% كمعدل لكل من القدرات، والتحصيلي، والثانوي، وكنت فرحا بأنه لا زال لدي ميزة التفوق، فنسبتي في القدرات كانت مذهلة ولله الحمد، وأعادت لي جزءا من ثقتي بنفسي.
العجيب في موضوع العرق -لعل أحدهم أن يأخذ مني عبرة- أني اغتبت زميلا لي كان عرقه مشابها لعرقي قبل سنة من هذا المرض، ناسيا أو متناسيا أن من يسخر من أخيه يمكن أن فيعافيه الله ويبتليه.
السنة الخامسة: هذه هي السنة التحضيرية في هذه السنة تعب جسمي من كثرة الأعراض النفسية المكبوتة التي لا يعلم أحد بها إلا ربي وأنا، فأنا دائما أتظاهر بأني قوي، فأتتني الأعراض النفسوجسدية، حينما أتحدث مع أحد أشعر بتنميل الأطراف ودوخة وضيق في التنفس، وحينما أعود من الجامعة أكون مرهقا من شدة التوتر، وأنام عن الصلوات، وأستيقظ فأشعر بوخزات جهة القلب، وبرودة شديدة في جسمي، ولم أعد وقتها بحاجة حتى للمكيف، وأشعر أيضا بتنميل في جسدي كاملا أحيانا، وأشعر بالنبض في عروقي.
ذهبت إلى دكتور باطنية فأجرى لي فحوصات الدم، وكانت سليمة جدا، مع قليل جدا من الخمول في الغدة الدرقية. أنا موقن ومتأكد أنها آثار القلق والتوتر. وحاليا خرجت من الجامعة وارتحت من هذه الآثار، ولكن ليس كليا فقد أتتني خلال هذه الفترة نوبتا هلع تبدأ بسواد أشعر به في صدري، ثم ضيق في التنفس، ثم تنميل كامل لأعضاء جسمي، ثم ارتجاف شديد وبرودة؛ فأتشهد وقتها وأكون مستعدا للموت، إضافة إلى أني أحيانا أستيقظ فأشعر بنفسي على حافة جنون، فأقرأ القرآن، ولا أفعل أي شيء يومها خوفا على نفسي.
يا دكتور: السنة القادمة قريبة وعلى الأبواب، أريد العودة، ولكنني أعلم أن وضعي النفسي لا يسمح لي أبدا، وأني لو قدمت سأفشل مجددا، ليس تشاؤما بل هذا الواقع، إضافة أني أطمح إلى الطب بسبب كل هذه الأمراض التي عانيت منها، لكني حاليا أفكر باعتزال كل الناس، والهرب من المجتمع الذي لم أرتكب فيه إلا الفشل تلو الفشل، ولم أعد أعجب أحدا حتى نفسي، دينيا لم أعد كما كنت أبدا، وعقليا بدأت في السنة الأخيرة مشوشا جدا، ولا أعتقد أن ذكائي قد يعود كما كان.
عرق شديد، توتر شديد، قلق، تشوش في التفكير. إن كان لهذه الأربعة حل فأنجدني به يا دكتورنا الفاضل.
قد يبدو من كلامي التشاؤم إلا أني لا يزال أملي بالله عظيم، فقد وعدني الرحمن بأن بعد العسر يسرا، لكني أخاف إن لم أكن صابرا كما يجب فسأستحق خسارة الدنيا والآخرة. وكل ما أصابني إنما هو من ذنوبي، وأنا أستحقه. فقد قلت لكم المرض.
اعذرني، فقد أكثرت الكلام، والحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا، وسبحانك اللهم ربي لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.