السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو مساعدتكم لأني أعاني وزوجي منذ فترة طويلة هي مدة زواجنا الذي دام حتى الآن سبع سنوات، المشكلة أنه إنسان حساس جداً وعنده دائماً حزن وقبضة في صدره، وقد كان يعاني ذلك قبل الزواج بزمن فكان يهرب من هذا الألم بالسفر؛ حتى اعتاد السفر لمدة 14 عاماً، يقول إنه بمجرد أن يفكر في العودة للوطن يشعر بانقباض وخوف شديدين وتهاجمه الكوابيس المزعجة، نسيت أن أقول لكم أنني أعيش في بلدي وهو يسافر وحده لظروف عمله من ناحية وظروف عملي أيضاً، والتي لم تسمح لنا بأن نسافر معاً، سافر خلال فترة زواجنا أكثر مما مكثنا سوياً، وكانت فترة السفر تمتد بين السنتين والسنتين والنصف، وفي كل مرة يعود وبمجرد وصوله تعاوده الأعراض نفسها مما يؤثر على حياتنا الزوجية بشدة، وجعلنا نفكر في الانفصال أكثر من مرة، يقول أنه في الخارج لا يكون سعيداً، ولكنه لا يكون بهذه الحالة التي يشعر بها في الوطن، يستيقظ ليلاً على انقباض وخوف، يصحو في الصباح متجهماً ومنقبضاً أيضاً.
عشنا معاً سنة وأربعة أشهر أول زواجنا نحاول أن يتعود على الحياة في الوطن وخاصة أنه لا يملك أي إقامة في بلد آخر، ولما سنحت له فرصة السفر سافر مديوناً بمبلغ ضخم في سبيل السفر لدولة أوربية، وحين انتهى من الديون ولم يحصل على الإقامة عاد ليعيش ورجع عازماً على العيش وأخبرني أول يوم أنه سيشتري بما ادخره سيارة صغيرة لنا، وقبل أن يمر يومان كان قد أصيب بالحالة نفسها، لا يريد الخروج من البيت وإن خرج فلبيت والدته حيث يجلس فقط وقد سيطرت عليه الحالة نفسها، لا نتشارك في شيء تقريباً، كنت أحاول مساعدته بقراءة الرقى القرآنية، لكن الوضع المستحيل استمر أربعة أشهر سافر بعدها بأعجوبة أيضاً، واستمر سفره لمدة سنتين ونصف انتهت بمشكلة بيني وبينه وطلبي الانفصال لأني نفسياً متعبة جداً، لا أستطيع أن أصف لك شعوري، أحلم بزوجي الذي أحبه كثيراً، وأحلم بيوم عودته لنكون معاً أسرة ويكون لنا أولاد.
تضاعفت علي الهموم أحلامي من ناحية العمر الذي يجري من ناحية تزوجت في الخامسة والعشرين وها أنا وصلت للثانية والثلاثين بلا زوج ولا ولد، لا شيء يعوضني في الدنيا لا عملي المرموق ولا وجودي بين أسرتي ووالدين حانيين طوال هذه المدة، هذا كله غير الناس وكلامها الذي لا ينتهي، لم تمكث كل هذه المدة في بيت أهلها؟ يعرضون أهلي للحرج، المهم كان الانفجار الذي لم يلتئم حتى الآن، انفجار من جانبي، ومعه انفجار أكبر من أهلي الذين صبروا على ابنة متزوجة بلا زوج بينهم لمدة أربع سنوات ونصف، والزوج علاقته بهم فاترة مثل علاقته بالجميع فلم ولن يتفهموا ظروفه وما يشعر به، وكان للانفجار عواقبه الوخيمة. المهم دخلنا في مشاكل مع أهله أثناء سفره، وحروب، وهم لا يهمهم إلا ابنهم بالطبع، واعتبروني معتدية لما أردت أن آخذ منقولاتي، والكل ينظر للموضوع بمنطق المكسب والخسارة، ولا أحد يعرف ولا يريد أن يعرف أنه كإنسان وأنا كإنسانة ليس بنا والحمد لله عيب في أخلاقنا ولا سلوكنا، ولم يكن بيننا إلا كل الاحترام، ولكن هذا الداء اللعين الذي لا أدري كيف يتخلص منه حتى تكون عنده مقومات الزوج، مع بعضنا حاولنا مراراً وضع حلول، حاولنا وحاولنا، وانتهى الانفجار بأنه سينهي ارتباطاته في البلد الأوروبي ويعود خلال شهرين، أصر أهلي خلالها على نقل المنقولات ليس إلا لتغيير المكان الذي شهد أحداثاً مؤسفة، وجاء قدر الله وتوفي أثناء هذه الفترة المحددة والده رحمه الله، وكانت سلسلة جديدة من المعاناة ندم منه على أنه لم يعد ليعيش معه في أرذل العمر ويخدمه، وشعور بالذنب أن موته بسبب مشاكله، وهو الذي كان يهرب بالسفر من إحساسه بالانقباض والخوف ولا يريد أن يحمل والداه همه ويرياه متألماً ولا حيلة لهما، وأحياناً أشعر أنه يلقي علي باللائمة لأني لم أصبر، لكني أسأل نفسي: ماذا كنت فاعلة ؟ كانت أحلامي عادية كأي بنت، وطموحاتي في زواجي كبيرة وخاصة أنني كنت مقتنعة به تماماً عند زواجنا، الذي جاء بعد فترة من فترات سفره أيضاً لبناء عش الزوجية، كنت أحسب أن سفره هذا قبل الزواج كسفر أي شاب يريد بناء مستقبله وإكمال نصف دينه، وخاصة أن بلدنا من البلاد التي تعتمد على ذلك، ثم يعود لعمله الحكومي في بلده ويستقر، بالله عليكم ماذا أفعل؟ لأننا منذ ذلك الوقت لم نستقر معاً، والآن يرفض أن نستقر معاً حتى يجد لمشكلته هذه حلاً، ولا أدري كيف حلها وخاصة أنها نفسية، أرجو ألا تقول لي على علاج دوائي لأنه سيرفض ولا يقتنع به، وخاصة أنه عانى من هذه المشكلة منذ مطلع شبابه وهو الآن في الأربعين من عمره.
وشكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله