السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي تتعلق بالدراسة، وهي ليست أن علاماتي متدنية، أو نحو ذلك، المشكلة هي أنني منذ فترة، وتقريبا منذ دخولي الجامعة، وأنا أعاني من مشكلتين رئيسيتين وهما:
الأولى: هي أنني وقبل دخول الجامعة بقليل تغيرت طريقة تفكيري، لا أدري ربما فجأة، أصبحت ميالا إلى التفكير العميق، وفهم كل ما أقرأ، والوصول إلى أصل كل معلومة، وإثبات كل نظرية وتحقيق كل قضية، بعد أن كنت أميل في الماضي إلى حفظ الأشياء دون توغل بهذه الطريقة، وذلك أيام الثانوية؛ ولأنني درست في كلية الهندسة، فقد سبب لي هذا الأمر عذابًا لا أستطيع حكايته، خاصة مع الصدمات العنيفة جدًا، والتي تلقيتها من الأساتذة، والمقررات وفي كل شيء، مما أوصلني إلى أن هذا ليس تعليما، وإنما مسرحية قل أن تجد فيها من يفهم شيئا، من يفهم حتى الكلمات التي ينطقها.
هذا الحب للفهم جعلني أبحث بفضل الله عز وجل عن الصدق فعلا في كل شيء؛ لأنني أحسست أن كلامنا غير صادق، وأفعالنا غير صادقة، كما أن علومنا ندعي أننا نعلمها ونفهمها ولكنه ادعاء غير صادق، وكان هذا الإحساس من رحمة الله -عز وجل-، فقد قادني سبحانه وتعالى بسببه إلى الالتزام، وأن يكون المرء باحثا عن الصدق في دينه، ليس أن يكون مقلدًا لأشياء وجد عليها الآباء والأجداد، والمجتمع والناس، فورثها عنهم وراثة، وأضاف إليها خليطا زائفا يتم ترويجه ليلًا ونهارًا في وسائل الإعلام التي تمارس غسيل الأمخاخ المنتظم -لعباد الله- يوميا، وفي كل لحظة، فينشأ عن ذلك تناقض في التصرف والسلوك، يثير جنون من كان يعقل.
بسبب هذا أفقت وصدمت في ألف شيء، صدمت ألف مرة؛ لأنني أعيش في وسط غير ملتزم، فوجدت أننا بعيدون جدًا عن روح الإسلام، وتعاليمه، وما زلت أصدم، وأكتم داخلي وأتألم وأحتقن.
صحيح أنه في تلك المرحلة مرت عليّ أوقات ابتليت فيها بوساوس الشيطان في أمور العقيدة، ربما لأنني بدأت أخرج من مجرد تلقي الثوابت كما هي إلى اعتقادها عن يقين فعلاً، لكن الله -عز وجل- هو العاصم من كل زلل، ومررت بكل هذا لوحدي.
ما زلت أصدم في كل شيء، وصدمت أيضا في نفسي؛ لأني شعرت أن كل ما مضى من حياتي ليس إلا صفرًا، وقررت أن أتغير، لكنني أتألم بشدة، وهذا لشعوري أنني بمفردي، كما أن رغبتي المستمرة في محاولة تغيير ما حولي من الظروف، ونصح من حولي من الناس يلازمها إحساس بالألم، أو ربما العجز.
في جانب الدراسة الوضع لا يقال عنه سيء؛ لأنه أكثر من هذا بكثير، وفي جانب الالتزام بالدين الوضع كما يعرفه كل مسلم غيور على دينه، الخلاصة أنني متعب جدًا، ويلازمني دوما هذا الشعور فيسيطر علي، ومما يزيد من إحساسي بالضغط هو كوني مرتبطا بالدراسة ومطالبا بإنجاز مهامي في مواعيدها، وهو ما بدأت أعجز عنه، مما يعطي لمن يشرف علي، أو يتعامل معي صورة سيئة جدًا.
فصرت الآن آخذ وقتًا طويلًا في قراءة أي شيء ولا أنتهي منه بسهولة، وأسجل ملحوظات وتعليقات كثيرة جدًا أثناء القراءة من الكتاب، وأتتبع الكلام نقطة نقطة، وربما أمكث لوقت طويل لأستنتج شيئا ما بناء على معلومة صغيرة جدًا، وقد آخذ وقتا طويلًا لأستنتج أمرًا ما مبنيا على الكلام الذي أقرأه، ثم أكتشف أنه مكتوب في الصفحة التالية، باختصار صرت آخذ وقتًا طويلًا في القراءة، ولا أنجز، ولا أستطيع الكف عن هذه الطريقة؛ لأن هذا يشعرني بالكذب والتلفيق والادعاء وعدم الفهم، وقد أدى هذا في أعوامي الدراسية الأخيرة إلى التأخر في اللحاق بالأساتذة، وتراكم المواد الدراسية علي مما أدى إلى نقص علاماتي ودرجاتي قليلا ولكن بشكل ملحوظ تماما.
المشكلة الثانية في الدراسة: (وأرجو مسامحتي على الاستطراد في الأعلى)، هي أنني صرت أحيانا عاجزًا عن استجماع أفكاري، أو أشعر أنني مشتت أثناء القراءة، وغير قادر على ربط الكلام جيدًا، بل أشعر أنني شبه لا أراه أو غير قادر على فهمه، وهذا يحصل أحيانًا وبالذات عند قلة النوم، ويلازمني أيضا شعور بإرهاق في جسدي شديد، خاصة بعد شرب الكافيين (وهو يسبب لي دخول الحمام مباشرة بعده)، خصوصا لو كنت مستيقظا منذ مدة طويلة، إرهاق، وكأن جسدي ينسحق سحقا، ويصبح معه مجرد البقاء جالسًا على المكتب أمرًا شديد الصعوبة.
أريد منكم نصيحة أو توجيها، وجزاكم الله خيرًا.