السؤال
السلام عليكم.
أريد أن أعرف ما هو الأفضل مخالطة الناس أم العزلة عنهم؟ مع العلم بأن كلا الخيارين لهما مميزات وعيوب، فما آراء العلماء والفقهاء وتعليلاتهم في ذلك؟
السلام عليكم.
أريد أن أعرف ما هو الأفضل مخالطة الناس أم العزلة عنهم؟ مع العلم بأن كلا الخيارين لهما مميزات وعيوب، فما آراء العلماء والفقهاء وتعليلاتهم في ذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mido حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية نرحب بك -ابننا الكريم-، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ويُسعدنا أن نؤكد لك أن المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر، هكذا جاء التوجيه الشرعي؛ ولذلك الخير في المخالطة لكن بشروطها، مع ضرورة أن يختار الإنسان أيضًا، وينتبه لنفسه، فهو بحاجة إلى الخلطة، والناس الذين تختلط معهم بعضهم - كما قال ابن القيم – كذاب، لا تصلح مخالطته، وبعضهم كالدواء ينبغي للإنسان أن يخالطه بمقدار - فالدواء يحتاج إليه الإنسان أحيانًا - وبعضهم كالغذاء، وبعضهم كالهواء لا يستطيع أن يستغني عنه.
أنت لا بد أن تبحث فيمن تخالطهم، بحيث لا تخرج من هذه الخلطة بخسائر، لكن على العموم وحسب السؤال فإن المخالطة هي الأفضل؛ لأن الإنسان كائن اجتماعي؛ ولأن النجاح في الحياة إنما يكون بالتفاعل مع الآخرين وحسن التواصل معهم؛ ولأن السعادة دائمًا معناها يتحقق مع الإنسان في بيئته ومع من حوله، ووجود الإنسان في جماعة قطعًا له ضريبة وله ثمن، ولكن المؤمن الذي يخالط – كما قلنا – ويصبر على الأذى ويخالط بهدف وبرنامج وبمقدار، يحاول أن يستفيد من الإيجابيات ويتفادى السلبيات.
ليس معنى ذلك أنه لا يحتاج إلى شيء من العزلة، فالإنسان يحتاج إلى أن يجلس في ساعات الليل، يخصص أوقاتًا يتأمل فيها، يتدبر، يراجع نفسه، يحاسب نفسه، يخلو بربه تبارك وتعالى، فهو بحاجة أيضًا إلى هذه الجرعة المهمة، والصلاة محراب ومعراج وعزلة، خاصة صلاة النوافل، يصلي ويسجد لله ويطيل السجود، ثم يرفع حاجته إلى الله تبارك وتعالى.
نحن نتمنى من أمثالك من الشباب أن يكون لهم خلطة إيجابية يؤثروا على الآخرين ولا يتأثروا، يجتهدوا في النصح لهم وفي التوجيه.
نسأل الله أن يكثر من أمثالك، وأن يعيننا وإياك على الخير، وأن يُحببنا إلى الناس، وأن يُحبب إلينا الصالحين منهم، هو ولي ذلك والقادر عليه.