الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما كيفية توعية المراهق بالبلوغ وتنبيهه لآثاره؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي عمره 12 عاماً ونصف، ولاحظت أنه يمارس العادة السرية، ولا أدري إذا بلغ الحلم أم لا، وأهلي متهاونون في الدين، وقد طلبت من أمي تسجيله في دار لتحفيظ القرآن، ولتتحسن أخلاقه، ولكن لم تشجع الفكرة أبداً، هو للأسف عاق ويحب الرياء، وأعلم بأنه الآن لا يدري خطورة ما يقوم به وربما لا يحاسب عليه، وأبي وأمي يسمحون له باستخدام النت دون أي رقابة عليه! ويقضي وقتاً طويلاً ولا ندري ماذا يشاهد، وكم نصحت والديّ بذلك ولكن يقولون: لا تتدخلي فيما لا يعنيك. أو لن يحدث شيء.

غالباً عند نصح أخي بأي أمر يشتمني أو يضربني، وأنا لا أريده أن يكبر بهذه الأخلاق، وأيضاً عنده رفاق سوء وأخشى عليه جداً، لذلك قمت بكتابة ملف وسأقوم بنسخه على قرص، ومترددة كثيراً في إعطائه إياه، علماً أن الملف يحتوي على معنى البلوغ، وكيف يجب أن يتصرف، مع بعض الصور التشريحية التي توضح ماذا يحدث في هذه الفترة، ومع الحكم الشرعي لكل شيء، وقمت بحذف أشياء لا داعي أن يعرفها الآن وأبدلتها بأخرى، وأضفت صور شباب ماتوا على معصية مثلاً في الحمام، على النت، على السرير، وبالمقابل صوراً لشباب ماتوا مبتسمين وساجدين، وقد استخدمت أسلوب التهديد بعقاب الله، والتحفيز بثوابه، وأيضاً تعريف العادة السرية وحرمتها وأضرارها، وكيفية التخلص منها، وغير ذلك، وأنا محتارة جداً، هل أعطيه إياه على أني اشتريته له، وأستخدم التعريض لذلك؟ أم أتركه يكبر بعفويته وجهله وتعلم هذه الأمور من رفاقه؟! فهو كما أوضحت يحوي أشياء أخاف أن تضره وتقلقه الآن، فبماذا تنصحوني؟

وأرجو منكم عدم الإحالة إلى فتاوى أخرى، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك هذه الروح التي دفعتك للكتابة إلينا، ونشكر لك هذا الهم والغم الذي يسيطر عليك بسبب الأسرة وتقصيرها في رعاية هذا الأخ، الذي يدخل على مرحلة عمرية من الأهمية بمكان، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يُكثر من أمثال من الحريصات على الخير.

ونتمنى أن تبدئي مشوار التصحيح بتحسين العلاقة مع هذا الأخ، وأرجو ألا تُدخلي الوالد ولا الوالدة لكونهم سلبيين في هذه المسألة، أحسني لهذا الأخ، وتذكري أن أمره يهمك، ولا تتوقفي في نصحه، لكن ليس هناك داع للنصح المباشر، إنما عليك بمساعدته والاقتراب منه، ومصادقة هذا الأخ، لأنه فعلاً بحاجة إلى توجيه، وبحاجة إلى إرشاد ونصح، ثم من خلال هذه الصداقة والجلوس معه، ومشاركته بعض الألعاب التي يهواها، والدخول إلى عالمه، تستطيعين أن تسربي مثل هذه المعلومات الواحدة تلو الأخرى دون أن يشعر أنك تقصدينه، ودون أن يشعر أنك تعرفين ما يحصل منه، وإنما تنبهيه بعض التنبيهات، ثم بعد ذلك يمكن أن تأتي مرحلة إعطائه الشريط بهذه الطريقة، يعني بعد أن تذكريه بمحتويات الشريط، وأن هناك معاص وخطورة في هذا السن، ويمكن أن تحكي له قصص شباب من الواقع ضاعوا، أو تستحضري بعض الصور والكتيبات الصغيرة والمطويات التي تتكلم عن خطورة مثل هذه المرحلة، ومثل هذه الانحرافات.

المهم الفكرة تقوم الآن على ألا تجعلي حاجزًا أو حاجبًا بينك وبينه، ولا تحاولي كثرة الشكاية لوالديك منه، إنما عليك أن تتعاملي معه مباشرة، وهذا الأمر لن يكون صعبًا إذا أحسنت التعامل معه، فتجنبي احتقاره، حاولي أن تعامليه معاملة لطيفة، وساعديه في بعض الأمور التي يحتاج فيها إلى المساعدة، واجتهدي في أن تقتربي منه، وليس من الضروري أن تبدئي النصح فورًا ومنذ اليوم الأول، ثم إذا أردت أن تنصحيه فلا بد أن يكون بأسلوب رائع، تنتقي الأوقات الجميلة والألفاظ والكلمات الجميلة، وتُثني عليه بما فيه من إيجابيات، ثم تحاولي الدخول إلى نفسه.

وهذه الاستشارة التي كتبتيها دليل على أنك ناضجة وعاقلة، ولا نريد منك أن تتركي هذا الأخ وهو يسقط ويضيع بهذه الطريقة وأنت تنظرين إليه، ونتمنى ان تبدئي تغيير الطريقة في التعامل معه، وتستبدلي الاحتكاك والخصام معه بالصداقة، بالمعاملة الحسنة، بالدخول إلى عالمه، بتشجيعه، بمناقشته في بعض الألعاب وبعض الأفكار، يمكن أن تعلميه أيضًا طريقة بناء أفلام، يعني كيف يعمل الإنسان برنامجاً وسيناريو مثل الذي عملته، ثم بعد ذلك سيشارك في هذا، فالهدف الآن هو يريد أن يعمل مقاطع فيديو، لكن مقاطع هادفة تعطي رسائل هامة جدًّا بالنسبة له، وهي رسائل غير مباشرة، وهي من الأهمية بمكان.

فتدرجي معه في هذا الاتجاه، وادخلي إلى عالمه، وعيشي واقعه، ولا تحاولي أن تُشعريه أنه سيء، لأن هذا خطير جدًّا، بل أشعريه بأنه شاب مميز وأن فيه خير، وأنه من أسرة طيبة، واجعلي هذا مدخلاً إلى نفسه، لا تطارديه بالاتهام ولا بالنظرات، حتى لو رأيت مثل هذه الممارسة الخاطئة فهذا لا يعني نهاية المطاف، ولكن يعني أنه يحتاج إلى من يقف إلى جواره، ويُبصّره بعواقب الأمور بلطف وشفقة، وصبر عليه وإحسان.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وسوف نكون سعداء إذا علمنا التطورات الحاصلة بعد تحييد الوالدين، بعد مصادقة هذا الشاب، بعد الدخول التدريجي له، حتى نصل إلى مرحلة هذه المقاطع الجيدة التي تم إعدادها، ونعتقد أن هذه مرحلة تحتاج إلى تمهيد، فلا نرى أن تُعطيه هذه الأشياء منذ الوهلة الأولى، لأنك أيضًا لا تضمنين أنه سيشاهدها، ربما من أول لقطة يرمي بها ويحذفها ويكون هذا المجهود قد ضاع، فهو سيقبل الهدية ممن يُحب، فاحرصي على أن تحسّني العلاقة معه، وتلاطفيه، وتتنازلي عن بعض الأشياء، لا تشددي معه في كل صغيرة وكبيرة، وإنما عليك أن تركزي على الأمور الأساسية والهامة، واعلمي أنه في هذه الفترة يشعر برجولته، فتجنبي الإهانة والتوبيخ، فهو لا يرى نفسه صغيرًا، بل يرى نفسه الآن إنسانًا كبيرًا، فعامليه من هذا المنطلق، وحاوريه، وأقنعيه، واقتربي منه، وأمّنيه على نفسه وأسراره، وحاولي أن تقدري طبيعة المرحلة التي يمر بها، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ام حبيبه

    جزاكم الله خيراعلى حسن ردكم وتعاملكم مع المشكله فكم من مشاكل نريد ان نعرف كيف نتعامل معها ولا نجد من يجيبنا.كيف التواصل لارسال مشكله؟ وشكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً