السؤال
السلام عليكم
أنا شاب في ال 20 من عمري، مسلم بفضل هدايته والحمد لله، مؤمن كل الأيمان بالله تعالى وواثق من قدرته وجبروته، فهو الذي لا يعجزه شيء، ومن حسن تدبيره وعدله وحكمته أني أواظب دائماً على سماع وقراءة القرآن الكريم.
لكن بما أن الأيمان والتصديق بالشيء أمر متعلق بالعقل الذي ميزنا الله به، وأنا شاب ومحتاج أن أقتنع بالشيء تمام الاقتناع لدي تساؤل، ولبس في مسألة دينية قرآنية، بسيطة تشغل بالي، ولا تتركني من تساؤلاتي، حتى أجد لها الجواب الشافي الكافي المقنع بإذن الله.
الله سبحانه وتعالى ذكر في كثير من مواضع القرآن الكريم بأنه: (يهدي من يشاء ويضل من يشاء) أي أن أمور الهداية والضلال بيده سبحانه وتعالى، ولو شاء لهدى الناس أجمعين، ويقول في محكم تنزيله أيضاً: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين، فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون).
مما سبق تساؤلي هو: بما أن أمور الهداية والضلال متروكة لله وحده، وبما أنه حتماً ستمتلىء جهنم بالناس والجن أجمعين، فلماذا نجتهد نحن كبشر في أمور هداية أنفسنا وغيرنا، إذا كان كل ذلك بيد الله وتدبيره؟
هل سنغير شيئاً من إرادة الله؟
إنا له وإنا إليه راجعون، إذا كان هناك قوم كتب الله لهم الضلال والشقاء، مثل الأمم السابقة التي أهلكها وغضب عليها، فماذا عسانا أن نفعل له؟ لماذا نجتهد ونحاول تحسين أنفسنا إذا كان أقصى ما نستطيع فعله هو تنفيذ إرادة الله؟
كذلك إلى أي مدى نحن مخيرون كبشر، لمصائرنا، وهي بأيدينا وبمحض إرادتنا أم أن مصيرنا كله بيد الله؟ هل صحيح أن هناك إنساناً مغضوباً عليه من الله، وسيكون مصيره الحتمي والمحتوم جنهم؟
هل الإنسان بمجرد أن آتاه الله الكتب والرسل والأديان المنزلة والآيات البينة والمعجزات والدلائل، والحقائق العقلية الواضحة يصبح مخيراً كامل الاختيار في مصيره، إما الإيمان أو الكفر مثلما يريد، وهذا ما دلت عليه كثير من الآيات أو أن حكمة الله هي في أن يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وينعم من يشاء ويعذب من يشاء برحمته فقط، بدون اختياره، كما دلت كثير من الآيات أيضاً؟