السؤال
ما السبيل لحب الله تعالى؟ وكيف أجعل سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم أحب إليّ من نفسي و ...؟ وما السبيل لرضى الله؟ وكيف أتخلص من الرياء؟ وكيف أعرف أنني مخلصة في أمر ما؟
ما السبيل لحب الله تعالى؟ وكيف أجعل سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم أحب إليّ من نفسي و ...؟ وما السبيل لرضى الله؟ وكيف أتخلص من الرياء؟ وكيف أعرف أنني مخلصة في أمر ما؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
أهلًا بك - أختنا الفاضلة - في موقعك إسلام ويب, وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك من كل مكروه.
أختنا الفاضلة: إننا نهنئك على تساؤلك الذي يدل على سلامة فطرتك, وحرصك على التقرب إلى الله عز وجل, وهذا أمر جيد - نسأل الله أن يمن عليك بالعمل حتى يكتمل الخير -.
أختنا الفاضلة: إن محبة الله ورسوله غاية كل مسلم, يسعى لنيلها, ويضحي من أجلها, بل يبذل حياته ثمنًا لصدق هذه المحبة حين يحتاج دينه إلى ذلك, فهي المعيار والمقياس التي يتعرف من خلالها على مدى علاقته بالله ورسوله، قربًا وبعدًا، وقوة وضعفًا.
وحب الله أصل, فهو جل شأنه الذي يُحَب لذاته، وحب أي أحد بعد الله فرع عن حب الله، ومن الأدلة على صدق محبة الله محبة رسوله صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } (آل عمران:31).
بل أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن المحبة الحق هي ما كانت فوق النفس والأهل والمال والولد، دل على ذلك ما دار بين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - والنبي صلى الله عليه وسلم حين قال عمر: يا رسول الله, لأنت أحب إلي من كل شيء، إلا من نفسي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا, والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك)، فقال له عمر: فإنه الآن – والله - لأنت أحب إليّ من نفسي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الآن يا عمر) رواه البخاري.
والسبيل الموصل إلى محبة الله ورسوله بيّن واضح, نلخصه في النقاط التالية:
1- التعرف على صفات الله وأسماء الله عز وجل، واستحضارها في كل شأن من حياتك، وتتبع آثار الإيمان بها في الكون الفسيح، فالكرم والرحمة والعظمة والقوة كلها صفات لله سبحانه, تدفع العبد إلى المحبة والبذل والتضحية.
كذلك التعرف على صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياته, وبذله نفسه وماله في سبيل نصرة الدين، وكيف كانت شفقته ومحبته لأمته، فإن المرء لا يحب من لا يعرف، وهذا أول الطريق.
2- معرفة نعمة الله والتعرف عليها ابتداءً من نعمة الوجود والخلق، والتفضل علينا بأن رزقنا الإسلام وعلمنا الطريق، إلى نعمة الصحة والعافية، وإلى كل نعم الله المحيطة الغامرة، على أن من أعظم النعم نعمة الإيمان والعمل الصالح، فالكثير من البشر يشتركون في نعمة الوجود, ونعمة الصحة والعافية, بيد أن أقل الناس هم من يصطفيهم الله سبحانه بنعمة الإيمان.
3- التأمل في مخلوقات الله المتنوعة في هذا الكون الفسيح، والتعرف على دقة النظام الرباني لهذه المخلوقات، ومتابعة القوانين التي تحكم مسيرة هذا الكون بلا تخبط, وبلا أخطاء, وبلا تصادم؛ مما يدل على عظمة الخالق جل ربنا وعز.
تأمل في نبات الأرض وانظر *** إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات *** بأحداق هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات *** بأن الله ليس له شريك.
4- التعرف على سعة رحمة الله بنا مع كثرة أخطائنا, وتودده لنا مع استغنائه عنا, وافتقارنا إليه, وذلك عن طريق مراجعة أعمال النفس, وملاحظة التقصير في حق الله سبحانه، ثم حلم الله على العبد وستره وإمهاله حتى يرجع ويتوب.
5- قوانين الثواب والعقاب تدل على سعة رحمة الله وفضله، فالحسنة بعشر وتزيد، والسيئة بمثلها والله يغفر، والحسنات يذهبن السيئات، والصلوات الخمس يكفر الله ما بينهن من المعاصي، والصيام يغفر الله به المعاصي، والحج يجب ما قبله، وكل هذا دلالة على أن الله يريد الخير للعبد، وهو القائل سبحانه: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم) والقائل: (والله يريد أن يتوب عليكم).
6- كثرة ذكر الله وكثرة الصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم مما يزيد منسوب الإيمان، واستحضار قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم، وإن تقرب مني شبرًا، تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا، تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة".
7- إقامة الفرائض والنوافل أعظم القربات إلى الله عز وجل, فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ, وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ, وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ, فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ, وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ, وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا, وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا, وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ, وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ, وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ, يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ).
أما موضوع الرياء: فهو داء عضال, والله عز وجل قال: "يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى, كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر" وأما التخلص منه فيجب عليك اتباع ما يلي:
1- التوجه بالعمل إلى الله وحده مع شدة المراقبة, وعدم طلب ثناء الناس أو مدحهم.
2- اجتهدي في أن تكون نوافل الأعمال بعيدة عن الناس، وأن تكون بينك وبين الله عز وجل.
3- جددي النية قبل العمل وأثناءه, فهذا مما يذهب أمر الرياء.
4- لا تتوقفي عن عمل الخير حذرًا من الرياء، فإن الإمام الذهبي قال: "العمل لأجل الناس رياء, وترك العمل من أجل الناس شرك" فإذا أتاك الشيطان موسوسًا فجددي النية, وأتمي العمل, ولا عبرة بعد ذلك به.
دليل معرفة الإخلاص في قاعدة واحدة: أن يكون حرصك على العمل يستوي فيه الشاهد من الناس أو الغائب، بمعنى أن العمل لا يزيد بمدح الناس ولا يقل بغيابهم.
نسأل الله أن يرزقنا محبته ومحبة نبيه, وأن يصرف عنا الرياء, وكل مكروه.
والله الموفق.
الله يهدينا
بارك الله فيك وأدخل جميع المسلمين الجنة .آمين.